التين: ثمر معروف. الزيتون: ثمر معروف. طور سينين: جبل الطور الذي كلّم الله عليه موسى، وهو معروف في سيناء. البلد الأمين: مكة المكرمة. في أحسن تقويم: في أجمل صورة وأعدل قامة. أسفلَ سافلين: جهنم. غير ممنون: غير مقطوع.
أَقسَمَ الله بالتّينِ والزيتون لبَرَكَتِهما وعظيم منفعتهما (فان التينَ من الثمار المباركة، وهو غذاء كامل. وكذلك الزيتون، فإنه غذاء ودواء. وكان في الزمن الماضي يُستعمل للإنارة ايضاً فهو مثل البترول في هذه الايام، ولا يزال محتفظاً بمكانته.)
وقال بعض المفسرين: إن التِّين هو عصرُ الإنسان الأول، والزيتون: عصرُ نوحٍ... وهو كلامٌ ليس عليه دليل.
وأقسَمَ بطورِ سينين، الجبلِ الذي كلَّم الله عليه موسى، وبهذا البلدِ الأمين، مكة المكرمة، الّتي يَأمنُ فيها من دَخَلها على نفسِه وماله - أننا خلقْنا الإنسانَ في أحسن صورة، وجعلناه مديدَ القامة، وزيّناه بالعقلِ والحِكمة والمعرفة.
﴿ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ﴾
حين ينحرفُ بهذه الفطرة عن الدِين الذي بَيَّنّاه له. وقد تركناه يختار أحدَ النَّجدين، فالذين ينحرفون مصيرُهم جهنّمُ، حيث يكونون في أسفل سافلين.
﴿إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾
وهؤلاء هم الذين يبقون على سَواءِ الفِطرة، ويكمّلونها بالإيمان والعملِ الصالح.. وبذلك يرتقون بها الى الكمال المقدَّر لها، فيكون لهم عندنا أجرٌ دائمٌ غيرُ مقطوع.
وفي ظل هذه الحقائق ينادي جلَّ وعلا الانسانَ بقوله:
﴿فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بالدين؟﴾
فأيّ شيء يحملك أيها الإنسانُ على التكذيب بالبعث والجزاء بعدَ هذا البيان، وبعد وضوح البراهين؟
﴿أَلَيْسَ الله بِأَحْكَمِ الحاكمين؟﴾.
أليس اللهُ بأعدَلِ العادلين حينَ يحكُم في أمرِ الخَلق بهذا الصنع العظيم والتدبير الحكيم؟ وكان علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما اذا قرأآ ﴿أَلَيْسَ الله بِأَحْكَمِ الحاكمين﴾ قالا: بلى، وإنّا على ذلك من الشاهدين.