الويل: العذاب، وحلول الشر، لفظٌ يستعمل في الذم. الهُمَزة: الذي يغتاب الناس ويطعن في أعراضهم. اللُّمزة: الذي يَعيب الناس وينال منهم بالإشارة والحرككات. جَمَع مالاً وعدّده: الذي همُّه جمعُ المال وكنزه. لَيُنبذنَّ: النبذ الطرح مع الاهانة والتحقير. الحُطَمة: نار جهنم لأنها تحطم كل ما يلقى فيها. مؤصدة: مطبَقة عليهم، مغلقة.
﴿ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ﴾
الهلاك والعذابُ لمن اعتاد ان يَعيب الناس بالكلام أو بالإشارة، ويحاولَ أن يَسْخَر منهم ويحطَّ من اقدارهم. فهذه الآية الكريمة ترسم صورةً لئيمةً حقيرة من صوَرِ النفوس البشرية حين تخلو من المروءة، وتَعْرَى من الإيمان.
ولذلك نهى الإسلامُ عن الهَمْزِ والغمز واللمز والعيب في مواضعَ شتى، لأن من قواعدِ الإسلام تهذيبَ الأخلاق ورفْعَ المستوى الخلُقي في المجتمع الاسلامي.
وقد رُوي أن عدداً من زعماء قريش كانوا يَلْمِزون النبيَّ الكريم وأصحابه، منهم الأخنسُ ابنُ شريق، والوليدُ بن المغيرة، وأميّةُ بن خلف وغيرهُم، فنزلت هذه السورة الكريمة لتؤدّبهم وتهذِّبَ الأخلاق.
﴿الذى جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ﴾
ثم بيّن الله تعالى أن هذا اللئيم الذي جمع المالَ الكثير وأحصاه وعدَّده مرّاتٍ ومرّاتٍ شغفاً به وحبّاً له، ولم ينفقْ منه في سبيل الخير - يظُنّ أن ما جَمَعَ قد حَفِظ له حياتَه التي هو فيها.. فهو لا يفارقُها إلى حياةٍ أخرى يعاقَبُ فيها على ما كسب من الأعمال السيئة.
﴿كَلاَّ لَيُنبَذَنَّ فِي الحطمة وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الحطمة﴾
هنا يأتي التهديدُ الكبير لهؤلاء المجرمين بأن الله تعالى سوف يُلقيهم في جهنم. وهل تعلم يا محمد ما هي الحُطَمة؟ إنها:
﴿نَارُ الله الموقدة التي تَطَّلِعُ عَلَى الأفئدة﴾
هي نار جهنم المُسْتعرة الملتهبة، الّتي تطّلع على الأفئدة التي كان ينبعثُ منها الهمز واللمز، وتكمنُ فيها السُّخريةُ والكبرياء والغرور.. فتحرقُها وتحرقُ صاحِبَها.
ثم بين الله تعالى ان هذه النارَ مُغْلَقَةٌ عليهم في عَمَدٍ ممدّدة، مطوَّلة مُحْكَمة على أبوابها. وهو تصويرٌ لشدّة الإطباق وإحكامه، وتأكيدٌ لليأسِ من الخَلاص.
قراءات:
قرأ حمزة والكسائي وابن عامر وخلف: جمّع بتشديد الميم. والباقون جمع بغير تشديد. وقرأ حفص وابو عمرو وحمزة: مؤصدة بالهمزة. والباقون موصدة بغير همزة وقرأ حفص: في عَمَد بفتح العين والميم. والباقون في عُمُد بضم العين والميم.


الصفحة التالية
Icon