أصحاب الفيل: أبرهة الحبشيّ وجيشُه الذين جاءوا لهدم الكعبة. الكيد: المكر، والخدعة. تضليل: ضلّله تضليلا: أبطلَ مكره، وجعل كيده ضائعا. وضلّ يضِل ضَلالاً وضلالة: خفيَ وغاب، وهلك. ومنه ﴿وَلاَ الضآلين﴾ [الفاتحة: ٧] في سورة الفاتحة.
أبابيل: جماعات، وهو جمعٌ لا واحد له من لفظه. سِجّيل: طين متحجّر.
العصف: حطام التبن، وورق الزرع. مأكول: أكلت الدواب بعضَه، وتناثر بعضُه الآخر.
﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الفيل﴾
حادثُ الفيل معروفٌ متواتر لدى العرب. وقد جعلوه مبدأَ تاريخٍ يؤرخون به فيقولون: وُلدِ عامَ الفيل. وحدث كذا عامَ الفيل.. وكان سنةَ خمسمائة وسبعين ميلادية. وفي ذلك العام وُلدِ النبيُّ محمد بن عبد الله ﷺ.
ألم تعلم يا محمدُ ماذا صنع اللهُ العظيمُ بأصحابِ الفيلِ، جيشِ أبرهةَ، الّذين جاءوا لهدْم الكعبة.
﴿أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ﴾
ألم يُهلكْهم الله ويجعلْ مكرهم باطلاً وسعيَهم خاسراً، حيث دمّرهم وأفناهم!
ثم فصّل كيفية إبطال كيدهم وكيف أهلكهم فقال:
﴿وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولِ﴾.
لقد سلّط عليهم من جنوده طيراً أتتهم جماعاتٍ متتابعة، وأحاطتْ بهم من كلّ ناحية، وجعلت تقذفهم بحجارةٍ من طينٍ متحجّر كانت تخترقهم كالرّصاص وتقتل من تصيبُه حالا. وهكذا جعلهم كورقِ الشجرِ الذي عَصَفَتْ به الريح.
وهذه معجزةٌ عظيمة تدلّ على حُرمة البيت الحرام. وقد فسّر بعض العلماء أن الطيرَ الأبابيلَ هو وباءُ الجدري والحصبة، وما اشبه ذلك. وهذا غيرُ وارد. فلقد نزلت هذه السورة في مكة، وكان كثيرٌ من رجالات قريش ممن شهدوا الحادثَ لا يزالون أحياء عند نزول هذه السورة ولم يعترضوا عليها، فهي من خوارق العادات والمعجِزات المتقدمة بين يدي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
وهكذا حفظ اللهُ البيتَ الحرام، كما قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ الناس مِنْ حَوْلِهِمْ﴾ [العنكبوت: ٦٧].