سورة النساء [مائة وست وسبعون آية]
وهي كلها مدنية. قال القرطبي «١» : إلا آية واحدة نزلت بمكة عام الفتح في عثمان بن طلحة الحجبي وهي قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها.
[الآية الأولى]
وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا (٣).
وجه ارتباط الجزاء بالشرط أن الرجل كان يكفل اليتيمة لكونه وليا لها ويريد أن يتزوجها فلا يقسط لها في مهرها: أي لا يعدل فيه ولا يعطيها ما يعطيها غيره من الأزواج، فنهاهم الله أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن ويبلغوا بهن أعلى ما هو لهنّ من الصداق وأمروا أن ينكحوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ سواهنّ. فهذا سبب نزول الآية. فهو نهي يخص هذه الصورة.
وقال جماعة من السلف: إن هذه الآية ناسخة لما كان في الجاهلية وفي أوّل الإسلام من أن للرجل أن يتزوج من الحرائر ما شاء، فقصرهم بهذه الآية على أربع، فيكون وجه ارتباط الجزاء بالشرط أنهم إذا خافوا أن لا يقسطوا في [اليتامى فكذك يخافون ألا يقسطوا في] «٢» النساء لأنهم كانوا يتحرجون في اليتامى ولا يتحرجون في النساء. والخوف من الأضداد فإن المخوف [منه] قد يكون معلوما، وقد يكون مظنونا ولهذا اختلف الأئمة في معناه في الآية: فقال أبو عبيد: خفتم بمعنى أيقنتم.
(٢) ما بين المعكوفين سقط من المطبوع والتتمة من فتح القدير [١/ ١٤٩].