سورة المائدة [مائة وعشرون آية]
قال القرطبي: هي مدنية بالإجماع «١».
فائدة: قال [أبو] «٢» ميسرة: إن الله سبحانه، أنزل في هذه السورة ثمانية عشر حكما، لم ينزلها في غيرها من سور القرآن، وهي قوله تعالى: وَالْمُنْخَنِقَةُ إلى قوله:
إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ. انتهى.
[الآية الأولى]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ (١).
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا: هذه الآية التي افتتح الله بها هذه السورة، إلى قوله: إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ (١) فيها من البلاغة ما تتقاصر عنده القوى البشرية، مع شمولها لأحكام عدة، منها الوفاء بالعقود، ومنها تحليل بهيمة الأنعام، ومنها استثناء ما سيتلى مما لا يحل، ومنها تحريم الصيد على المحرم، ومنها إباحة الصيد لمن ليس بمحرم.
وقد حكى النقاش: أن أصحاب الفيلسوف الكندي قالوا له: أيها الحكيم، اعمل لنا مثل هذا القرآن. فقال: نعم أعمل مثل بعضه، فاحتجب أياما كثيرة، ثم خرج فقال:
والله ما أقدر، ولا يطيق هذا أحد، إني فتحت المصحف، فخرجت سورة المائدة، فنظرت فإذا هو قد نطق بالوفاء، ونهى عن النكث، وحلل تحليلا عاما، ثم استثنى بعد استثناء، ثم أخبر عن قدرته، وحكمته في سطرين، ولا يقدر أحد أن يأتي بهذا «٣».

(١) انظر في «تفسيره» (٦/ ٣٠).
(٢) ما بين [معقوفين] سقط من المطبوعة.
(٣) انظر: تفسير القرطبي (٦/ ٣١، ٣٢)، فتح القدير للشوكاني (٢/ ٤)، تفسير ابن عطية (٤/ ٢١٩) [.....]


الصفحة التالية
Icon