إِخبارٌ عمَّا كانوا عليه قبل الإِهلاك، وخصّت هذه السّورة بهذا النسق لمّا يتَّصل به من الآيات بعده وكلّه إِخبار عمَّا كانوا عليه وهو ﴿وَأَثَارُواْ الأَرْضَ وَعَمَرُوْهَا﴾ وفى فاطر: ﴿كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الذين مِن قَبْلِهِمْ وَكانوا﴾ بزيادة الواو، لأَنَّ التَّقدير: فينظروا كيف أُهلِكوا وكانوا أَشدَّ منهم قوّة. وخصّت [هذه] السّورة به لقوله: ﴿وَمَا كَانَ الله لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ﴾ الآية. وفى المؤْمن ﴿كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الذين كَانُواْ مِن قَبْلِهِمْ كانوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُم قُوَّةً﴾ فأَظهر (كان) العامل فى (من قبلهم) وزاد (هم) لأَنَّ فى هذه السّورة وقعت فى أَوائل قصّة نوح، وهى تَتِمُّ فى ثلاثين آية، فكان اللائق به البسط، وفى آخر المؤمن ﴿كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الذين مِن قَبْلِهِمْ كانوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ﴾ فلم يبسط القول؛ لأَن أَوّل السّورة يدلّ عليه.
قوله: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً﴾، وختم الآية بقوله ﴿يَتَفَكَّرُوْنَ﴾ ؛ لأَنَّ الفكر يؤدى إِلى الوقوف على المعانى التَّى خُلِقَت لها: من التوانس، (والتجانس)، وسكون كلّ واحد منهما إِلى الآخر.
قوله: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السماوات والأرض﴾، وختم بقوله ﴿لِلْعَالَمِيْنَ﴾ لأَن الكل تظلّهم السّماء، وتُقِلهم الأَرض، فكل واحد منفردٌ بلطيفة فى صورته يمتاز بها عن غيره؛ حتى لا ترى اثنين فى أَلف يتشابه


الصفحة التالية
Icon