سورة الفتح:
[أقول:] ١ لا يخفى وجه حُسن وضعها هنا؛ لأن الفتح بمعنى النصر، مرتَّب على القتال، وقد ورد في الحديث: أنها [نزلت] ١ مبينة لما يفعل به وبالمؤمنين، بعد إبهامه في قوله تعالى في الأحقاف: ﴿وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ﴾ ٢ "الأحقاف: ٩"، فكانت متصلة بسورة الأحقاف من هذه الجملة٣.

١ ما بين المعقوفين إضافة من "ظ".
٢ هو قول ابن عباس -رضي الله عنهما- رواه عنه علي بن طلحة؛ ولذا قال عكرمة والحسن وقتادة: إن آية الأحقاف منسوخة بآية الفتح: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ﴾ "الفتح: ٢" الآية، قالوا: ولما نزلت قال رجل من المسلمين: فما هو فاعل بنا؟ فنزل: ﴿لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ﴾ "الفتح: ٥" الآية. انظر: تفسير ابن كثير "٧/ ٢٦٠".
٣ ينظر مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور، للبقاعي "٢/ ٤٩٢".

سورة الحجرات:
[أقول:] ١ لا يخفى تآخي هاتين السورتين [الفتح والحجرات] مع ما قبلهما؛ لكونهما مدنيتين، ومشتملتين على أحكام، فتلك فيها قتال الكفار، وهذه فيها قتال البغاة٢، وتلك خُتمت بالذين آمنوا، وهذه افتتحت بالذين آمنوا٣، وتلك تضمنت تشريفًا له ﷺ خصوصًا مطلعها، وهذه أيضًا في مطلعها أنواع من التشريف له صلى الله عليه وسلم٤.
١ ما بين المعقوفين إضافة من "ظ".
٢ قتال الكفار في الفتح معروف؛ لأنها في فتح مكة، وقتال البغاة في الحجرات جاء في قوله تعالى: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ﴾ "الحجرات: ٩" الآية.
٣ ختام الفتح: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ "الفتح: ٢٩"، وافتتاح الحجرات: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ "الحجرات: ١" الآية.
٤ تشريفه -صلى الله عليه وسلم- في الفتح في قوله تعالى: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ﴾ "الفتح: ٢" الآية، وتشريفه في مطلع الحجرات: ﴿لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ "الحجرات: ١"، ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ﴾ "الحجرات: ٣" الآية، ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ﴾ "الحجرات: ٤"، وانظر: مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور "٣/ ٥، ٦".


الصفحة التالية
Icon