سورة الذاريات:
أقول: لما ختمت "ق" بذكر البعث، واشتملت على ذكر الجزاء، والجنة، والنار، وغير ذلك من أحوال القيامة، افتتح هذه السورة بالإقسام على أن ما توعدون من ذلك لصادق١، وأن الدين -وهو الجزاء- لواقع.
ونظير ذلك: افتتاح المرسلات بذلك، بعد ذكر الوعد والوعيد والجزاء في سورة الإنسان٢.

١ في "ظ": "ما توعدون من ذلك صادق".
٢ الوعد والوعيد في الإنسان: ﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلا وَأَغْلالًا﴾ "الإنسان: ٤" وما بعدها، وأقسم على صحة ذلك في أول المرسلات: ﴿إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِع﴾ "المرسلات: ٧".

سورة الطور:
أقول: وجه وضعها بعد الذاريات: تشابههما في المطلع والمقطع؛ فإن في مطلع كل منهما صفة حال المتقين بقوله: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ﴾ "الذاريات: ١٥، الطور: ١٧" الآيات، وفي مقطع كل منهما صفة حال الكفار، بقوله في تلك: ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾ "الذرايات: ٦٠"، وفي هذه: ﴿فَالَّذِينَ كَفَرُوا﴾ "٤٢"١.
١ ومن المناسبة بين الطور والذاريات أنه تعالى ذكر تكذيب الكافرين، ورد عليهم في إيجاز في الذاريات بقوله: ﴿كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ﴾ "الذاريات: ٥٢" وما بعدها، ثم فصل ذلك في الطور من قوله: ﴿فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ﴾ "الطور: ٢٩" إلى آخر السورة "٤٩".


الصفحة التالية
Icon