سورة الحديد:
قال بعضهم:
وجه اتصالها بالواقعة: أنها بدأت١ بذكر التسبيح، وتلك خُتمت بالأمر به٢.
قلت: وتمامه: أن أول الحديد واقع موقع العلة للأمر به، وكأنه قيل: ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيم﴾ "الواقعة: ٩٦"؛ لأنه ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ "١".

١ في المطبوعة: "قدمت"، والمثبت من "ظ".
٢ نظم الدرر "٧/ ٤٣٣"، وفيه تلك العبارة.

سورة المجادَلة:
أقول: لما كان في مطلع الحديد ذكر صفاته الجليلة؛ ومنها: الظاهر والباطن، وقال: ﴿يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾ "الحديد: "٤" افتتح هذه بذكر أنه سمع قول المجادِلة التي شكت إليه صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا قالت عائشة -رضي الله عنها- حين نزلت: "سبحان الذي وسع سمعه الأصوات، إني لفي ناحية البيت لا أعرف ما تقول"١.
وذكر بعد ذلك قوله: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ﴾ "٧"، وهو تفصيل لإجمال قوله٢:
﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ [وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ] ٣﴾ "الحديد: ٤".
وبذلك تعرف الحكمة في الفصل بها بين الحديد والحشر، مع تآخيهما في الافتتاح بـ ﴿سَبَّحَ﴾ ٤.
١ أخرجه ابن ماجه في المقدمة "١/ ٦٧"، والإمام أحمد في المسند "٦/ ٤٦"، وأخرجه البخاري بنحوه معلقًا "٩/ ١٤٤"، وانظر: التفسير الصحيح "٤/ ٤٥٣"، وابن جرير في التفسير "٢٨/ ٥، ٦".
٢ في المطبوعة: "لقوله"، والمثبت من "ظ".
٣ ما بين المعقوفين إضافة من "ظ".
٤ نظم الدرر "٧/ ٤٧٤، ٤٧٥".


الصفحة التالية
Icon