شرح الكلمات:
﴿آمَنُوا﴾ : صدقوا الله والرسول.
﴿بِالْبَاطِلِ﴾ : بغير حق يبيح أكلها.
﴿تِجَارَةً١﴾ : بيعاً وشراءً فيحل لصاحب البضاعة أن يأخذ النقود ويحل لصاحب النقود أخذ البضاعة، إذاً لا باطل.
﴿تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ : أي: تزهقوا أرواح بعضكم بعضاً.
﴿عُدْوَاناً وَظُلْماً﴾ : اعتداء يكون فيه ظالماً.
﴿نُصْلِيهِ نَاراً﴾ : ندخله نار جهنم يحترق فيها. معنى الآيتين:
ما زال السياق في بيان ما يحل وما يحرم من الأموال والأعراض والأنفس ففي هذه الآية (٢٩) ينادي الله تعالى عباده المؤمنين بعنوان الإيمان فيقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ وينهاهم عن أكل أموالهم بينهم بالباطل بالسرقة أو الغش أو القمار أو الربا وما إلى ذلك من وجوه التحريم٢ العديدة فيقول: ﴿لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾، أي: بغير عوض مباح، أو طيب نفس، ثم يستثنى ما كان حاصلاً عن تجارة قائمة على مبدأ التراضي بين البيعين لحديث: "إنما البيع عن تراض" و" البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" فقال تعالى: ﴿إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ٣ مِنْكُمْ﴾ فلا بأس بأكله فإنه حلال لكم. هذا ما تضمنته الآية كما قد تضمنت حرمة قتل المؤمنين لبعضهم بعضاً، فقال تعالى: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ والنهي شامل لقتل الإنسان نفسه وقتله أخاه المسلم؛ لأن المسلمين كجسم واحد، فالذي يتقل مسلماً منهم كأنما قتل نفسه. وعلل تعالى هذا التحريم لنا فقال: ﴿إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً﴾، فلذا حرم عليكم قتل بعضكم بعضاً.

١ كل معاوضة في مباح فهي تجارة حتى إن الله تعالى سمى ثمن طاعته وطاعة رسوله تجارة في قوله تعالى: ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ... ﴾ الآية.
٢ كبيع العربون بأن يقول لأخيه: خذ هذه العشرة دنانير إن أخذت السلعة، وإلا فهي لك. هذا بيع باطل؛ لأنه لاحق له في أخذ العربون إن عجز أخوه عن أخذ السلعة له.
٣ لم يختلف في بيع الخيار، وذلك بأن يقول المسلم لأخيه: بعني كذا، أو بعت كذا، أو اعطني مهلة يوم أو يومين أفكر فيها. فهذا البيع جائز إن تم وإن لم يتم واختلف في معنى قول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا". هل التفرق بالأبدان، أو بالكلام؟ والصحيح: أنه بالأبدان، فلكل منهما الفسخ والإمضاء ماداما في المجلس فإن تفرقا مضى البيع.


الصفحة التالية
Icon