عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (٩٤) }
شرح الكلمات:
﴿إِذَا ضَرَبْتُمْ﴾ : خرجتم تضربون الأرض بأرجلكم غزاة ومسافرين.
﴿فَتَبَيَّنُوا﴾ : فتثبتوا حتى لا تقتلوا مسلماً تحسبونه كافراً.
﴿السَّلامَ١﴾ : الاستسلام والانقياد.
﴿تَبْتَغُونَ﴾ : تطلبون.
﴿فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ﴾ : بالهداية فاهتديتم وأصبحتم مسلمين.
معنى الآية الكريمة:
روي أن نفراً من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرجوا فلقوا رجلاً يسوق غنماً من بني سليم، فلما رآهم سلم عليهم قائلاً: السلام عليكم. فقالوا له: ما قلتها إلا تقية لتحفظ نفسك ومالك وقتلوه٢. فنزلت هذه الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ﴾ يريد خرجتم مسافرين للغزو والجهاد ﴿فَتَبَيَّنُوا﴾ ممن تلقونهم في طريقكم هل هم مسلمون فتكفوا عنهم، أو كافرين فتقاتلوهم ﴿وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ﴾ أعلن إسلامه لكم بالشهادة أو بالسلام ﴿لَسْتَ مُؤْمِناً﴾ فتكذبونه في دعواه الإسلام لتنالوا منه: ﴿تَبْتَغُونَ﴾ بذلك ﴿عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا٣﴾ أي: متاعها الزائل فإن كان قصدكم الغنيمة فإن عند الله مغانم كثيرة فأطيعوه وأخلصوا له النية والعمل يرزقكم ويغنمكم خير ما تأملون وترجون وقوله: ﴿كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ﴾ أي: مثل هذا الرجل الذي قتلتموه رغبة في غنمه كنتم تستخفون بإيمانكم خوفاً من قومكم ﴿فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ﴾ بأن أظهر دينه ونصركم فلم تعودوا تخفون دينكم. وعليه فتبينوا

١ السلم: بكسر السين، والسلم: بفتح السين واللام، والسلام واحد. والسلم بالكسر هنا أولى؛ لأنه بمعنى: الانقياد والطاعة.
٢ روى أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حمل ديته إلى أهله ورد غنمه وهو كذلك.
٣ مي متاع الدنيا: عرضاً؛ لأنه عارض زائل، ويطلق العرض بفتح الراء على الدراهم والدنانير، وبإسكان الراء على المتاع من أثاث وغيره، فلذا كل عرض بإسكان الراء، عرض بفتحها ولا ينعكس، وفي الحديث الصحيح: "ليس الغني عن كثرة العرض، إنما الغني غني النفس". رواه مسلم.


الصفحة التالية
Icon