ذلك الوقت دخل في التصوف رجال من غير أهله، تظاهروا بالورع والطاعة، وتحلوا بالزهد الكاذب والتقشف المصطنع، ومن هؤلاء الذين اندسوا بين جماعة المتصوفة، جماعة الباطنية الذين تبطنوا الكفر والتحفوا الإسلام، وتستروا وراء مظاهر الزهد الكاذب والورع المصنوع، كما تستروا وراء التشيع لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا غرض لهم من وراء ذلك كله إلا أن يفسدوا على المسلمين عقائدهم، ويزعزعوا ثقتهم في دينهم وكتاب ربهم!!.
ولقد نتج عن تأثر المتصوفة بالفلاسفة وبمن اندسوا بينهم من الباطنية أن تنوع التصوف إلى نوعين:
تصوف نظري: وهو الذي يقوم على البحث والدراسة.
وتصوف علمي: وهو الذي يقوم على التقشف والزهد والتفاني في طاعة الله.
وكل من النوعين كان له أثر في تفسير القرآن الكريم، مما جعل التفسير الصوفي يتنوع- هو أيضا- إلى نوعين:
تفسير نظري أو فلسفي، وتفسير صوفي فيضي أو إشاري.
التفسير الصوفي النظري أو الفلسفي:
أما التفسير الصوفي النظري أو الفلسفي، فقوامه المباحث النظرية، والتعاليم الفلسفية، والصوفي إذا كان من أصحاب هذه النزعة الفلسفية، نظر إلى القرآن من خلال نزعته، وكله حرص على أن يجد في القرآن ما يشهد لنظرياته وفلسفاته، وليس من السهل أن يجد في القرآن ما يتفق صراحة مع تعاليمه، ولا ما يتمشى بوضوح مع نظرياته فإذا به يحاول أن يطوع القرآن قسرا إلى ما يقول به، وإذا به ينتهي بعد


الصفحة التالية
Icon