سورة التّوبة «١»
(مدنية). ولها أسماء أخر: سورة براءة لتبرئها من المنافقين، والمقشقشة، أي: المبرئة من النفاق، والبحوث لبحثها عن أحوال المنافقين، والمبعثرة والمنقرة والمثيرة، والحافرة لأنها بعثرت ونقرت وأثارت وحفرت عن أحوال المنافقين، والمخزية والفاضحة، والمنكلة، والمشردة، والمدمدمة، وسورة العذاب لأنها أخزت المنافقين، وفضحتهم، ونكلتهم، وشردتهم، ودمدمت عليهم، وذكرت ما أعد الله لهم من العذاب.
وآياتها: مائة وثلاثون، وقيل: وتسع وعشرون. ومناسبتها: قوله: إِلَّا عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ «٢»، فذكر فى هذه السورة نقض ذلك الميثاق.
واتفقت المصاحف والقراء على ترك البسملة فى أولها، فقال عثمان رضى الله عنه: أشبهت معانيها معانى الأنفال، أي: لأن فى الأنفال ذكر العهود وفى براءة نبذها. وكانتا تدعى القرينتين فى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فلذلك قرنت بينهما ووضعتهما فى السبع الطوال «٣»، وكان الصحابة قد اختلفوا: هل هما سورة واحدة أو سورتان؟ فتركت البسملة بينهما لذلك. وقال عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه: البسملة أمان، وبراءة نزلت بالسيف، فلذلك لم تبدأ بالأمان.
وقال البيضاوي: لما اختلف الصحابة فى أنهما سورة واحدة، وهى سابعة السبع الطوال، أو سورتان، تركت بينهما فرجة، ولم تكتب بسم الله. هـ.
ثم ابتدأ بنقض عهود المشركين، فقال:
[سورة التوبة (٩) : الآيات ١ الى ٢]
بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١) فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ (٢)
قلت: (براءة) : خبر عن مضمر، أي: هذه براءة، و (مِنَ) : ابتدائية، متعلقة بمحذوف، أي: واصلة من الله، و (إلى الذين) : متعلقة به أيضا، أو مبتدأ لتخصيصها بالصفة، و (إلى الذين) : خبر.

(١) بداية المجلد الثاني فى النسخة الأصلية.
(٢) من الآية ٧٢ من سورة الأنفال.
(٣) أخرجه أحمد فى المسند (١/ ٥٧) وأبو داود فى (الصلاة، باب من جهر ببسم الله الرحمن الرحيم) والترمذي فى (التفسير، سورة التوبة) والحاكم فى (٢/ ٢٢١) وصححه ووافقه الذهبي.


الصفحة التالية
Icon