سورة يونس
مكية. وهى مائة وتسع آيات. ومناسبتها لما قبلها: قوله تعالى: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ»
مع قوله: أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ، فقد تعجبوا منه مع كونهم يعرفون أمانته وصدقه.
[سورة يونس (١٠) : الآيات ١ الى ٢]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ (١) أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ (٢)
قلت: (عجباً) خبر كان، واسمها: (أن أوحينا)، ومن قرأ بالرفع فالأمر بالعكس، أو كان تامة، واللام متعلقة بعجباً، وهو مصدر للدلالة على أنهم جعلوه أعجوبة لهم، يتوجهون نحوه بإنكارهم واستهزائهم.
قال في المغني: المصدر الذي ليس في تقدير حرف الموصول وصلته لا يمنع التقديم عليه، على أن السعد قال في المطوّل: إن معمول المصدر إذا كان ظرفاً أو شبهة، الأظهر أنه جائز التقديم، قال تعالى: فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ «٢»، وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ «٣» ومثل هذا كثير في الكلام، وليس كل ما أول بشيء حكمُه حكم ما أول به، مع أن الظرف مما يكيفه رائحة الفعل لأن له شأناً ليس لغيره لتنزله من الشيء منزلة نفسه لوقوعه فيه وعدم انفكاكه عنه، ولهذا اتسع في الظروف ما لم يتَسع في غيرها. هـ.
يقول الحق جلّ جلاله: أيها الرسول المجتبى المختار تِلْكَ الآيات التي تنزل عليك هي آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ، الذي اشتمل على الحكم الباهرة والعبر الظاهرة، أو المحكم الذي لم ينسخ منه شيء بكتاب آخر بعده، أو كلام حكيم. أَكانَ لِلنَّاسِ أي: كفار قريش وغيرهم عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ ولم يكن من عظمائهم؟ والاستفهام للإنكار، والرد على من استبعد النبوة، أو تعجب من أن يبعث الله رجلاً من وسط الناس.
(١) الآية ١٢٨ من سورة التوبة.
(٢) من الآية ١٠٢ من سورة الصافات. [.....]
(٣) من الآية ٢ من سورة النور.


الصفحة التالية
Icon