سورة يوسف
مكية. وهى مائة وإحدى عشرة آية. وكأنها تتميم لما ذكر قبلها من قصص الأنبياء، فهى من جملة ما يثبّت به الفؤاد، ويقع به التسلية، مما يواجه به العبد من الأنكاد. وإنما أفردت بالسورة، لمزيد شرح وطول.
[سورة يوسف (١٢) : الآيات ١ الى ٣]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (١) إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٢) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ (٣)قلت: (قرآناً) : حال، و (عربياً) : نعت له. و (لعلكم) : يتعلق بأنزلناه أو بعربياً. و (أحسن) : مفعول (نَقُصُّ)، و (بما أوحينا) : مصدرية، ويجوز أن يكون (هذا القرآن) : مفعول (نَقُصُّ)، و (أحسن القصص) : مصدر.
يقول الحق جلّ جلاله: أيها الرسول المجتبى، والمحبوب المنتقى، تِلْكَ الآيات التي تُتلى عليك هي آياتُ الْكِتابِ المنزل عليك من حضرة قدسنا، الْمُبِينِ أي: الظاهر صدقه، الشهير شأنه. أو الظاهر أمره في الإعجاز والبلاغة، الواضح معانيه في الفصاحة، والبراعة. أو المبين للأحكام الظاهرة والباطنة. أو البَينُ لمن تدبره أنه من عند الله. أو المبين لمن سأل تَعنُّتاً من أحبار اليهود سؤالهم إذ رُوي أنهم قالوا لكبراء المشركين: سلوا محمداً: لِمَ انتقلَ يعقوب من الشام؟ وعن قصة يوسف. فنزلت السورة.
إِنَّا أَنْزَلْناهُ أي: الكتاب، قُرْآناً أي: مقروءاً، أو مجموعاً، عَرَبِيًّا بلغة العرب لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ أي: أنزلناه بلغتكم كي تفهموه وتستعملوا عقولكم في معانيه فتعلموا أن اقتصاصه كذلك ممن لم يتعلم القصص، ولم يخالط من يعلم ذلك، معجز إذ لا يتصور إلا بالإيحاء.
نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ أحسن الاقتصاص لأنه اقتص على أبدع الأساليب، أو أحسن ما يُقص لاشتماله على العجائب والحِكَمٍ والآيات والعِبَر، بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ مشتملاً على هذه السورة التي فيها قصة يوسف، التي هي من أبدع القصص، وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ عن هذه