الإشارة: الرزق مضمون بيد من أمره بين الكاف والنون، لا يزيد بحرص قوي، ولا ينقص بعجز ضعيف، بل قد ينعكس الأمر، كما قال الشاعر:
كَمْ قَوِيٍّ قَوِيٍّ في تقلبه | [ترى عَنْهُ أَمْرَ الرَّزْقِ يَنْحَرفُ] «١» |
وكم ضعيفٍ ضعيفٍ في تصرفه | كأنه من خليجِ البحرِ يَغْتَرِفُ |
اللهَ يَرْزُق قَوْماً لاَ خَلاَقَ لَهُمْ | مِثْلَ الْبَهَائِمِ في خَلْقِ التَّصَاوِيرِ |
لَوْ كَانَ عَنْ قُوَّةٍ أَوْ عَنْ مُغَالَبَةٍ | طَارَ البُزَاةُ بِأرْزَاقِ الْعَصَافِيرِ |
[سورة العنكبوت (٢٩) : الآيات ٦٤ الى ٦٦]
وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٦٤) فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ (٦٥) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٦٦)
يقول الحق جلّ جلاله: وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ أي: وما هي لسرعة زوالها عن أهلها وموتهم عنها، إلا كما يلعب الصبيان ساعة، ثم يتفرقون متعبَين بلا فائدة. وفيه ازدراء بالدنيا وتحقير لشأنها، وكيف لا يحقرها وهي لا تزن عنده جناح بعوضة؟ واللهو: ما يتلذذ به الإنسان، فيلهيه ساعة، ثم ينقضي. وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ، أي: الحياة الحقيقية لأنها دائمة. والحيوان: مصدر، وقياسه: حيَيَان، فَقَلَبَ الياءَ
(١) فى الأصول الخطية [ترى أمر الرزق عنه ينحرف].
(٢) أخرجه أحمد فى المسند (١/ ٣٠- ٥٢) والترمذي فى (الزهد، باب ما جاء في التوكل على الله، ٤/ ٤٩٥، ح ٢٣٤٤) وقال: حديث حسن صحيح وابن ماجه فى (الزهد، باب التوكل واليقين، ٢/ ١٣٩٤، ح ٤١٦٤) والحاكم وصححه (٤/ ٣١٨) من حديث سيدنا عمر رضي الله عنه.
(٢) أخرجه أحمد فى المسند (١/ ٣٠- ٥٢) والترمذي فى (الزهد، باب ما جاء في التوكل على الله، ٤/ ٤٩٥، ح ٢٣٤٤) وقال: حديث حسن صحيح وابن ماجه فى (الزهد، باب التوكل واليقين، ٢/ ١٣٩٤، ح ٤١٦٤) والحاكم وصححه (٤/ ٣١٨) من حديث سيدنا عمر رضي الله عنه.