[المجلد الخامس]
سورة صمكية، أو: سورة داود. وآيها: ست أو ثمان وثمانون آية. ومناسبتها لما قبلها: قوله تعالى: لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ «١» مع قوله: وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ، فأخبر عنهم أولا أنهم لو نزل عليهم الذكر لأخلصوا فى الإيمان، فلما نزل كفروا به، وتعززوا عنه، قال تعالى:
[سورة ص (٣٨) : الآيات ١ الى ٣]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (١) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ (٢) كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ (٣)يقول الحق جلّ جلاله: ص أي: أيها الصادق المصدوق. وقال القشيري: معناه: مفتاحُ اسمه الصادق، والصبور، والصمد. أقسم بهذه الأسماء، وبالقرآنِ ذِي الذِّكْرِ أي: ذي الشرف التام، الباقي، المخلَّد لمَن تمسّك به، أو: ذي الوعظ البليغ لمَن اتعظ به، أو: الذكر للأمم والقصص والغيوب. أو: يراد به الجميع.
وجواب القسم: محذوف، أي: إنه لكلام معجز، أو: إنه لَمن عند الله، أو: إن محمداً لصادق، أو: ما الأمر كما يزعمون، أو: إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ وقيل: إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ أو: إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ، وهو بعيد.
بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا من قريش فِي عِزَّةٍ تكبُّر عن الإذعان لذلك، والاعتراف بالحق، وَشِقاقٍ خلاف لله ولرسوله. والإضراب عن كلام محذوف يدل عليه جواب القسم، أي: إن كفرهم ليس عليه برهان، بل هو بسبب العزة، والعداوة، والشقاق، وقصد المخالفة. والتنكير في «عزة وشقاق» للدلالة على شدتهما وتفاقمهما.
وقرىء «في غِرَّةٍ» «٢» أي: في غفلة عما يجب عليهم من النظر واتباع الحق.
ثم هدّدهم بقوله: كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ من قبل قومك مِنْ قَرْنٍ من أُمّة أو جيل، فَنادَوْا أي: فدعوا واستغاثوا حين رأوا العذاب: وَلاتَ حِينَ مَناصٍ أي: وليس الوقت وقت خلاص ونجاة وفرار،
(١) الآية ١٦٨ من سورة الصافات.
(٢) هى قراءة حماد بن الزبرقان. انظر مختصر ابن خالويه ص ١٣٠.
(٢) هى قراءة حماد بن الزبرقان. انظر مختصر ابن خالويه ص ١٣٠.