سورة المجادلة
يقول الحق جلّ جلاله: ﴿قد سَمِعَ اللهُ قولَ التي تُجادِلُك﴾ وهي خولة، ﴿في زوجها﴾ أوس، أي: تُراجعك الكلام في شانه، وفيما صدر منه صدر منه في حقها مِن الظِّهار، أو تسألك وتستفيتك. وقال الكواشي: " قد سمع " أي: عَلِمَ وأجاب قولها، أي: دعاءها. وفي " قد " هنا معنى التوقُّ؛ لأنّ رسول الله ﷺ والمرأة كانا يتوقعان أن يُنزل اللهُ في مجادلتهما ما يفرج الله به عنهما. هـ. وقال الفخر: هذه الواقعة تدل على أنّ مَن انقطع رجاؤه من الخلق، ولم يبقَ له في مُهمه أحدٌ إلاَّ الخالق، كفاه الله ذلك المُهم. وقال القشيري: لمّا صدقت في شكواها إلى الله، وأيِسَتْ مِن كشف ضُرِّها من غير الله، أنزل الله
لولا شهودُ جمالكم في ذاتي
ما كنتُ أَرْضَى ساعة بِحَياتي
ما ليلةُ القدرُ المعظَّم شأنُها
إلاَّ إذا عمرَتْ بكُم أوقَاتِي
إنَّ المحبَّ إذا تمكَّنَ في الهَوَى
والحب لم يَحْتَجْ إلى ميقاتِ
وقال آخر:
وكل الليالي ليلةُ القدر إن بدا
كما كلُّ أيام اللقا يومُ جمعةِ
وسعيٌ له حجٌّ، به كلُّ وقفةٍ
على بابه قد عادلت ألف وقفةِ
وقال الشيخ أبو العباس رضي الله عنه: نحن ـ والحمد الله ـ أوقاتنا كلها ليلة القدر. هـ. لأنَّ عبادتهم كلها قلبية، بين فكرة واعتبار، وشهود واستبصار، و " فكرة ساعة أفضل من عبادة سبعين سنة "، كما في الأثر، بل فكرة العيان تزيد على ذلك، كما قال الشاعر:
كلُّ وَقتٍ مِنْ حَبيبيِ
قَدْرُه كَأَلْفِ حَجَّهْ
وقد يقال: ثواب هذه العبادة كشف الحجاب، وشهود الذات الأقدسن هو لا يقاس بمقياس. وبالله التوفيق. وصلى الله على سيدنا محمد وآله.