بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مُقَدِّمَة في فَضائِلِ القُرآنِالحمدُ للَّه جابرِ القلوبِ المنكسرةِ من أجلِهِ، وغافرِ ذنوبِ المستغفرينَ بفضلِه
وأشهدُ أنَّ لا إله إلا اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، ولا شيءَ كمثلِهِ، وأشهدُ أنًّ
محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، أرسله بالهُدى ودينِ الحق ليظهرَهُ على الدِّينِ كلِّه.
وخيَّرهُ بين أن يكونَ مَلِكًا نبيا أو عبدًا رسولاً، فاختارَ مقامَ العبوديةِ مع
رسلِهِ.
أما بعدُ:
اعلم أنَّ هذا البابَ واسعٌ كبير، ألَّفَ فيه العلماءُ كتبًا كثيرةً، وصنفوا فيه
تصانيفَ عديدةً نذكرُ من ذلك نكتًا تدلُّ على فضلِهِ، وما أعدَّ الله لأهلهِ إذا
أخلصُوا الطلبَ لوجهِهِ وعملُوا به، فأوَّلُ ذلك: أنْ يستشعرَ المؤمن من فضلِ
القرآنِ أنه كلامُ رب العالمينَ غيرُ مخلوقٍ، كلامُ منْ ليس كمثلِهِ شيءٌ، وصفَةُ
من ليس له شبيه ولا ند، فهو من نورِ ذاتِهِ عزَّ وجلَّ، وأنَّ القرَّاءَ ونغماتِهِم.
وهي أكسابُهم التي يُؤمرونَ بها في حالٍ، إيجابًا في بعضِ العباداتِ، وندبًا
في كثيرٍ من الأوقاتِ، ويُزجرون عنها إذا أُجنبوا، ويُثابون عليها ويُعاقبون
على تركِها، وهذا مما أجمع عليه المسلمونَ أهلُ الحقِّ ونطقتْ به الآثارُ، ودلَّ
عليها المستفيضُ من الأخبارِ، ولا يتعلقُ الثوابُ والعقابُ إلا بما هو أكسابُ
العبادِ، ولولا أنه - سبحانه - جعلَ في قلوبِ عبادِهِ من القوةِ على حملِهِ ما
جعله ليتدبَّروه وليعْتَبروا وليتذكروا ما فيه من طاعتِهِ وعبادِتِه، وأداءِ حقوقِه