قوله تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٧٠)
أما الأنبياءُ عليهمُ الصلأةُ والسلامُ، فليسَ فيهم شكّ أنَّ أرواحَهم عندَ اللَّه
في أعلى عليين.
وقد ثبتَ في "الصحيح " أنَّ آخرَ كلمة تكلَّم بها النبيُّ - ﷺ - عند موتِهِ أنْ قالَ: "اللَّهُمَّ الرفيقُ الأعلى" وكرَّرها حتى قبضَّ.
وقال رجل لابنِ مسعود: قُبضَ رسولُ اللَّهِ - ﷺ - فأينَ هُو؟ قال: في الجنةِ.
وأمَّا الشهداءُ فأكثرُ العلماءِ على أنهم في الجنةِ، وقد تكاثرتِ الأحاديثُ
بذلك.
ففي "صحيح مسلم " عن مسروق، قالَ: سألنا عبدَ اللَّهِ بنَ مسعودَ - رضي الله عنه -، عن هذه الآيةِ: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)، فقالَ: أما إنا قدْ سألنا رسولَ اللهِ - ﷺ - عن ذلكَ، فقال: "أرواحُهُم في جوفِ طيرٍ خضرٍ، لها قناديلُ معلقة بالعرشِ، تسرحُ في الجنةِ حيثُ شاءتْ، ثم تأوي إلى تلكَ القناديلِ، فاطَّلع إليهم ربُّهم اطلاعة، فقالَ:
هل تشتهونَ شيئًا؛ قالُوا: أيَّ شيء نشتهي ونَحنُ نسرحُ من الجنةِ حيثُ شِئنا، ففعلَ ذلكَ بهم ثلاثَ مرات، فلمَّا رأوَا أنَّهم لم يُتركوا من أنْ يُسألوا، قالُوا: يا ربَّ نريدُ أن تردَّ أرواحَنا في أجسادِنا حقى نقتلَ في سبيلِكَ مرة أُخرى، فلمَّا رأى أنْ ليسَ لهم حاجةً تُرِكُوا ".


الصفحة التالية
Icon