المشاهدةِ، كما في قوله تعالى: (كلّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ)، وبعضُ الأبدانِ باقية، كأجسادِ الأنبياءِ عليهم الصلاةُ والسلامُ وغيرِهم، وإنما تفارقُ
أرواحُها أجسادَها.
وذَكَرَ بعضُهم عن ابنِ عباسٍ - رضي الله عنهما - أنه سئل أينَ تكونُ الأرواح إذا فارقتِ الأجسادَ؟
فقال: أين يكونُ السراجُ إذا طُفِي، والبصرُ إذا عَمِيَ، ولحمُ المريضِ
إذا مَرِض؛ فقالُوا: إلى أينَ؟
قال: فكذلكَ الأرواحُ، وهذا لا يصحّ عنِ ابنِ عباسٍ رضي اللَّهُ عنهما، واللَّهُ أعلم.
* * *
قوله تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (١٧٣)
إذا وفَّق اللَهُ عبدًا: توكَّلَ بحفْظِهِ وكلاءته، وهدايتِهِ وإرشادِهِ، وتوفيقِه
وتسديدِهِ. وإذا أخذلَهُ وكله إلى نفسِهِ أو إلى غيرِه، ولهذا كانتْ هذه الكلمةُ:
(حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)، كلمةً عظيمةً، وهي التي قالها إبراهيمُ
عليه الصلاةُ والسلامُ حين أُلقيَ في النارِ، وقالَهَا محمد رسولُ اللَّهِ - ﷺ - حين قالَ لهُ الناسُ: (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعوا لَكمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)، وقالتْهَا عائشةُ حين ركبتِ الناقةَ لمَّا انقطعتْ عن الجيشِ، وهي كلمةُ المؤمنينَ.
فمن حقَّق التوكلَ على اللَّهِ لم يكلْهُ إلى غيره، وتولاَّه بنفسِهِ.
وحقيقةُ التوكلِ: تكِلة الأمورِ كلِّها إلى من هي بيدِهِ. فمن توكَّلَ على اللَّهِ


الصفحة التالية
Icon