سُورَةُ الصَّفِ
قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (٣)
لمَّا حاسَبَ المتَّقُون أنفسَهم خافوا من عاقبةِ الوعظِ والتَّذكيرِ.
قال رجلٌ لابن عبَّاسٍ: أريدُ أن آمرَ بالمعروفِ وأنهى عن المنكرِ.
فقال لهُ: إنْ لم تخشَ أن تفضحكَ هذه الآياتُ الثلاثُ فافعلْ، وإلا فابدأْ بنفسكَ، ثم تلاْ (أَتَاْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفسَكُمْ).
وقوله تعالى: (لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (٣).
وقوله حكايةً عن شُعيبٍ عليه السلام: (وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ).
قال النَّخعيُّ: كانُوا يكرهُونَ القصص؛ لهذه الآياتِ الثلاثِ.
قيل لمورِّق العجلي: ألا تعظُ أصحابَكَ؟
قال: أكرهُ أن أقول ما لا أفعل.
تقدَّمَ بعضُ التابعينَ ليصلِّي بالنَّاسِ إمامًا، فالتفتَ إلى المأمُومين يُعدِّل
الصُّفوفَ، وقال: اسْتَوُوا، فُغشِيَ عليه، فسُئلَ عن سَببِ ذلكَ، فقال: لمَّا
قلتُ لهُم: استقيمُوا، فكَرتُ في نفسِي، فقلتُ لهَا: فأنتِ، هل استقمتِ مع
اللَّهِ طرفةَ عينٍ؟
مَا كُلُّ مَنْ وَصَفَ الدَّواء يستعمِلُه... ولا كُلُّ مَنْ وَصَفَ التُّقَى ذو تُقَى
وَصَفْتُ التُقَى حتَّى كأنِّي ذو تُقًى... ورِيحُ الخَطَايا مِن ثِيابي تَعْبَقُ
ومع هذا كلِّه فلا بُدَّ للناسِ من الأمرِ بالمعروفِ والنَّهْي عن المنكرِ، والوعظِ