بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمةالحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، وبعد:
فإن القرآن الكريم بحر لا يدرك غوره، ولا تنفد درره، ولا تنقضي عجائبه، فما أحق الأعمار أن تفنى فيه، والأزمان أن تشغل به، ومما يسعدني أن أشارك في هذه الندوة المباركة التي يعزم مجمع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة على عقدها بعنوان: عناية المملكة العربية السعودية بالقرآن الكريم وعلومه بكتابة بحث في موضوع: جمع القرآن الكريم في عهد الخلفاء الراشدين.
ولا شك أن المملكة العربية السعودية منذ نشأتها وتوحيدها على يد مؤسسها صقر الجزيرة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود "يرحمه الله" سباقة إلى كل خير في مختلف المجالات، وتقدم للمسلمين في أرجاء المعمورة - دون تمييز بين الأبيض والأسود - كل ما ينفعهم في الدارين، من عقيدة صافية، ومنهج سديد، وكتاب مفيد، وجو آمن، وعيش رغيد. ومن سلسلة أعمالها الخيرة - التي لا تأتي في الحصر - قيام هذا الصرح الشامخ للعناية بكتاب الله تعالى باسم "مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف" بالمدينة النبوية على يد منظم المملكة ومطورها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود "رزقه الله الصحة والعافية، وأمد في عمره في طاعته".
وهذه - في الحقيقة - سلسلة مترابطة ومتواصلة لعناية المسلمين حكاماً وشعوباً وأفراداً وجماعات بالقرآن الكريم - كلام الله - عملاً بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: "القرآن أفضل من كل شيء، فمن وقَّر القرآن فقد وقَّر الله، ومن استخف بالقرآن فقد استخفّ بحق الله تعالى" ١.
١ الوجيز في فضائل الكتاب العزيز للقرطبي، ص: ٩٧، وقد ذكره السيوطي في الجامع الكبير وعزاه إلى أبي نصر السجزي في الإبانة، والحكيم الترمذي في النوادر (مرسلا)، والحاكم في تاريخه (موصولاً)، انظر هامش الوجيز.