المبحث السابع: عنايةالمسلمين بعلم الأصوات خدمةً للقرآن الكريم
امتدَّت جهود علماء العربية لتشملَ طرق أداء القرآن الكريم أداء صوتياً صحيحاً، كما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو ما عُرِف في دراسات السلف بالتجويد، وعُرِف في دراسات علم اللغة الحديث بعلم الأصوات. والمقصود به إعطاء الحروف حقها، وإخراجها مِنْ مخارجها، ووصف الأصوات التي تخرج من جهاز النطق في الإنسان. والتجويد: مصدر جَوَّد الشيء تجويداً إذا أتى بالقراءة مجوَّدة الألفاظ، بريئةً من الجَوْر عند النطق بها (١). وقد ترك علماء العربية في هذا الجانب مؤلفات غزيرة تشير إلى نضج وخبرة ومعرفة دقيقة بأصوات العربية، كما توصَّلوا إلى تحليلات دقيقة، وافقت في كثير من جوانبها جهود علم اللغة الحديث الذي توفَّرَتْ له معامل الاختبار، والأجهزة الدقيقة التي لم تتوفَّر للسلف.
إنَّ الوصف المتقن لحروف العربية ومخارجها في جهاز النطق لدى الإنسان (٢)، أعانَتْ قارئ القرآن كثيراً للوصول إلى الأداء الصحيح أثناء تلاوة القرآن. يقول القارئ عبد الله بن ذكوان: ((يجب على قارئ القرآن أن يقرأ بترتيل وتَرَسُّل، وأن يعرف مخارج الحروف في مواضعها، ويستعمل إظهار
(٢) انظر: شرح الهداية ١ / ٧٥.