سُورَةُ عَبَسَ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى﴾ ﴿١ - ٢﴾.
وَهُوَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُنَاجِي عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ وَأَبَا جَهِلِ بْنَ هِشَامٍ وَعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأُبَيًّا وَأُمَيَّةَ ابْنَيْ خَلَفٍ، وَيَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَيَرْجُو إِسْلَامَهُمْ، فَقَامَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي، مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ؛ وَجَعَلَ يُنَادِيهِ وَيُكَرِّرُ النِّدَاءَ وَلَا يَدْرِي أَنَّهُ مُشْتَغِلٌ مُقْبِلٌ عَلَى غَيْرِهِ، حَتَّى ظَهَرَتِ الْكَرَاهِيَةُ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقَطْعِهِ كَلَامَهُ، وَقَالَ فِي نَفْسِهِ: "يَقُولُ هَؤُلَاءِ الصَّنَادِيدُ إِنَّمَا أَتْبَاعُهُ الْعُمْيَانُ وَالسِّفْلَةُ وَالْعَبِيدُ"، فَعَبَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَعْرَضَ عَنْهُ وَأَقْبَلَ عَلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ يُكَلِّمُهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَاتِ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ ذَلِكَ يُكْرِمُهُ، وَإِذَا رَآهُ يَقُولُ: "مَرْحَبًا بِمَنْ عَاتَبَنِي فِيهِ رَبِّي".
(١) - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَصَاحِفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدَانَ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: هَذَا مَا قَرَأْنَا عَلَى هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عائشة قالت: أنزل ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ فِي ابن أم مكتوك الْأَعْمَى، أَتَى إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
_________
(١) - أخرجه الحاكم (المستدرك: ٢/ ٥١٤) وابن جرير (٣٠/ ٣٢) والترمذي (٥ / ٤٣٢ - ح: ٣٣٣١) وأبو يعلى (تفسير ابن كثير: ٤ / ٤٧٠) وابن مردويه (فتح القدير: ٥/٣٨٦) من طريق يحيى عن هشام عن أبيه عن عائشة به، وإسناده صحيح. وأخرجه الإمام مالك (الموطأ برواية يحيى بن يحيى: ١٣٦ - ح: ٤٧٦) عن عروة مرسلاً به.


الصفحة التالية
Icon