النَّوْعُ السَّابِعُ وَالسِّتُّونَ: فِي أَقْسَامِ الْقُرْآنِ
أَفْرَدَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ بِالتَّصْنِيفِ فِي مُجَلَّدٍ سَمَّاهُ "التِّبْيَانَ"؛وَالْقَصْدُ بالقسم تحقيق الخبر توكيده حَتَّى جَعَلُوا مِثْلَ: ﴿وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾ قَسَمًا وَإِنْ كَانَ فِيهِ إِخْبَارٌ بِشَهَادَةٍ لِأَنَّهُ لَمَّا جَاءَ تَوْكِيدًا لِلْخَبَرِ سُمِّيَ قَسَمًا
وَقَدْ قِيلَ: مَا مَعْنَى الْقَسَمِ مِنْهُ تَعَالَى فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ لِأَجْلِ الْمُؤْمِنِ فَالْمُؤْمِنُ مُصَدِّقٌ بِمُجَرَّدِ الْإِخْبَارِ مِنْ غَيْرِ قَسَمٍ وَإِنْ كَانَ لِأَجْلِ الْكَافِرِ فَلَا يُفِيدُهُ!
وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ بِلُغَةِ الْعَرَبِ وَمِنْ عادتها القسم إذا أرادات أَنْ تُؤَكِّدَ أَمْرًا وَأَجَابَ أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ بِأَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ الْقَسَمَ لِكَمَالِ الْحُجَّةِ وَتَأْكِيدِهَا: وَذَلِكَ أَنَّ الْحُكْمَ يُفْصَلُ بِاثْنَيْنِ: إِمَّا بِالشَّهَادَةِ وَإِمَّا بِالْقَسَمِ فَذَكَرَ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ النَّوْعَيْنِ حَتَّى لَا يَبْقَى لَهُمْ حُجَّةٌ فَقَالَ: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ﴾ ؛ وَقَالَ: ﴿قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ﴾ وَعَنْ بَعْضِ الْأَعْرَابِ أَنَّهُ لَمَّا سَمِعَ قَوْلَهُ تعالى: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ﴾ صَرَخَ وَقَالَ: مَنْ ذَا الَّذِي أَغْضَبَ الْجَلِيلَ حَتَّى أَلْجَأَهُ إِلَى الْيَمِينِ!