النَّوْعُ السَّابِعُ وَالسَّبْعُونَ: فِي مَعْرِفَةِ تَفْسِيرِهِ وَتَأْوِيلِهِ وَبَيَانِ شَرَفِهِ وَالْحَاجَةِ إِلَيْهِ
التَّفْسِيرُ "تَفْعِيلٌ" مِنَ الْفَسْرِ، وَهُوَ الْبَيَانُ وَالْكَشْفُ، وَيُقَالَ: هُوَ مَقْلُوبٌ السَّفَرِ، تَقُولُ: أَسْفَرَ الصُّبْحُ إِذَا أَضَاءَ، وَقِيلَ مَأْخُوذٌ مِنَ التَّفْسِرَةِ، وَهِيَ اسْمٌ لِمَا يَعْرِفُ بِهِ الطَّبِيبُ الْمَرَضِ وَالتَّأْوِيلُ أَصْلُهُ مِنَ الْأَوَّلِ وَهُوَ الرُّجُوعُ، فَكَأَنَّهُ صَرَفَ الْآيَةَ إِلَى مَا تَحْتَمِلُهُ مِنَ الْمَعَانِي وَقِيلَ مِنَ الْإِيَالَةِ وَهِيَ السِّيَاسَةُ، كَأَنَّ الْمُؤَوِّلَ لِلْكَلَامِ سَاسَ الْكَلَامَ وَوَضَعَ الْمَعْنَى فِيهِ موضعه
واختلف في التفسير أو التأويل، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَطَائِفَةٍ: هُمَا بِمَعْنًى: وَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ قَوْمٌ حَتَّى بَالَغَ ابْنُ حَبِيبٍ النَّيْسَابُورِيُّ، فَقَالَ: قَدْ نَبَغَ فِي زَمَانِنَا مُفَسِّرُونَ لَوْ سُئِلُوا عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ التَّفْسِيرِ وَالتَّأْوِيلِ مَا اهْتَدَوْا إِلَيْهِ
وَقَالَ الرَّاغِبُ: التَّفْسِيرُ أَعَمُّ مِنَ التَّأْوِيلِ؛ وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْأَلْفَاظِ وَمُفْرَدَاتِهَا وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِ التَّأْوِيلِ فِي الْمَعَانِي وَالْجُمَلِ، وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ، وَالتَّفْسِيرُ يُسْتَعْمَلُ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا
وَقَالَ غَيْرُهُ: التَّفْسِيرُ بَيَانُ لَفْظٍ لَا يَحْتَمِلُ إِلَّا وَجْهًا وَاحِدًا، وَالتَّأْوِيلُ تَوْجِيهُ لَفْظٍ مُتَوَجِّهٍ إِلَى مَعَانٍ مُخْتَلِفَةٍ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهَا، بِمَا ظَهَرَ مِنَ الْأَدِلَّةِ
وَقَالَ الْمَاتُرِيدِيُّ: التَّفْسِيرُ الْقَطْعُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ اللَّفْظِ هَذَا، وَالشَّهَادَةُ عَلَى اللَّهِ أَنَّهُ عَنَى بِاللَّفْظِ هَذَا، فَإِنْ قَامَ دَلِيلٌ مَقْطُوعٌ بِهِ فَصَحِيحٌ، وَإِلَّا فَتَفْسِيرٌ بِالرَّأْيِ، وَهُوَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ، وَالتَّأْوِيلُ تَرْجِيحُ أَحَدِ الْمُحْتَمِلَاتِ بِدُونِ الْقَطْعِ وَالشَّهَادَةُ عَلَى اللَّهِ