الموضوع الخامس: النسخ ١ وموهم الاختلاف
قال الله تعالى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.
هذه آية من سورة مدنية..
وقال جل شأنه: ﴿وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ، قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾.
وهاتان آيتان من سورة مكية، فيهما النسخ بالمعنى. وفي الآية المدنية النسخ باللفظ.
ولا بد للمفسر من معرفة الناسخ والمنسوخ، وإلا لهلك وأهلك غيره بإضلاله إياه.
وقد وقع خلاف حول إمكان النسخ ووقوعه؛ فأنكره قوم صيانة للقرآن عن وقوع مثل ذلك النوع فيه، وأجازه قوم للتصريح به والإشارة إليه. وقبل الخوض في تفصيل ذلك نرسم في هذا الباب مسائل:
١- يطلق النسخ في اللغة على أحد معنيين متقابلين: الإزالة، ومنه: نسخت الشمس الظل، إذا أزالته.
والمعنى الثاني: الإثبات، يقال: نسخت الكتاب، إذا جعلت منه نسخة أخرى أثبته فيها، ومنه قوله تعالى: ﴿إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ أي: نكتبه ونسجله.

١ هذا العلم هام لدارس القرآن الكريم، وقد قال الأئمة: لا يجوز لأحد أن يفسر كتاب الله إلا بعد أن يعرف منه الناسخ والمنسوخ. انظر: الإتقان ٢/ ٢٠.


الصفحة التالية
Icon