المبحث الرابع: اختلافات في تأليف الغريب
اختلف مؤلفو كتب الغريب القرآني - بينهم وبين بعضهم، وبينهم وبين غيرهم- في مسائل كثيرة، من أبرزها ما يلي:
أولاً: اختلافهم في مناهج الترتيب لغريب القرآن:
تعد حركة التأليف، في غريب القرآن الكريم: الحركة العلمية الأولى في الإسلام، وقد نشأت - في هذا الوقت - للحاجة إليها، كما أسلفت القول، ولذلك بدأت في عصر مبكر، لا يعدو النصف الأول من القرن الأول للهجرة (١)، على هيئة روايات، كالروايات المنسوبة لابن عباس رضي الله عنهما، ثم دونت عقب هذا التاريخ بقليل.
والملاحظ: أن الباكورة الأولى - في هذا المجال - لم تسر على طريق معين، من طرق التأليف، لأنه لم يُقصد فيها التأليف لذاته، وإنما قُصد فيها سد حاجة الناس، إلى تفسير ما يعسر عليهم فهمه، من ألفاظ القرآن الكريم.
ومن أوضح الأمثلة لذلك: ماروى عن ابن عباس رضي الله عنهما في مسائل نافع بن الأزرق، المذكورة سابقاً، فإنها لم تتبع ترتيباً معيناً (٢). وإن كانت بعض مرويات ابن عباس رضي الله عنهما التفسيرية - وبخاصة تلك
(٢) انظر: الإتقان: ٢/٥٦-٨٨.