إِيابَهُمْ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَهُوَ شَاذٌّ لَمْ يُجِزْهُ أَحَدٌ غَيْرُ الزَّجَّاجِ فَإِنَّهُ قَالَ يُقَالُ: أَيَبَ إِيَّابَا على فيعل فِيعَالًا.
ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ (٢٦)، يَعْنِي جَزَاءَهُمْ بَعْدَ الْمَرْجِعِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
سُورَةُ الْفَجْرَ
مكية وهي ثلاثون آية
[سورة الفجر (٨٩) : الآيات ١ الى ٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَالْفَجْرِ (١) وَلَيالٍ عَشْرٍ (٢) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (٣)
وَالْفَجْرِ (١) أَقْسَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْفَجْرِ، رَوَى أَبُو صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هُوَ انْفِجَارُ الصُّبْحِ كُلَّ يَوْمٍ. وَهُوَ قَوْلُ عِكْرِمَةَ: وقال عطية: عند صلاة الصبح. وَقَالَ قَتَادَةُ: هُوَ فَجْرُ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنَ الْمُحَرَّمِ تَنْفَجِرُ مِنْهُ السَّنَةُ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: فَجْرُ ذِي الحجة لأنه قرن بِهِ اللَّيَالِي الْعَشْرُ.
وَلَيالٍ عَشْرٍ (٢)، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهَا الْعَشْرُ الْأُوَلُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ. وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ والسدي والكلبي: وقال أبو روق عن الضحاك: هي العشر الأول من شهر رمضان. وَرَوَى أَبُو ظَبْيَانَ عَنِ ابْنِ عباس قال: هِيَ الْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ مِنْ شَهْرِ رمضان. وقال يمان بن رياب [١] هِيَ الْعَشْرُ الْأُوَلُ مِنَ الْمُحَرَّمِ الَّتِي عَاشِرُهَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ.
وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (٣)، قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ الْوِتْرُ بِكَسْرِ الْوَاوِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِفَتْحِهَا، وَاخْتَلَفُوا فِي الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ، قِيلَ: الشَّفْعُ الْخَلْقُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً (٨) [النبأ: ٨] وَالْوَتْرُ: هُوَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. روي ذلك عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَهُوَ قَوْلُ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَمَسْرُوقٌ: الشَّفْعُ الْخَلْقُ كُلُّهُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ [الذَّارِيَاتِ: ٤٩]، الْكَفْرَ وَالْإِيمَانَ، وَالْهُدَى وَالضَّلَالَةَ، وَالسَّعَادَةَ وَالشَّقَاوَةَ، وَاللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَالسَّمَاءَ وَالْأَرْضَ، وَالْبَرَّ وَالْبَحْرَ، وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، وَالْجِنَّ وَالْإِنْسَ، وَالْوَتْرُ هو الله، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) [الْإِخْلَاصِ: ١]، قَالَ الْحَسَنُ وَابْنُ زَيْدٍ:
الشَّفْعُ وَالْوَتْرُ الْخَلْقُ كُلُّهُ مِنْهُ شَفْعٌ وَمِنْهُ وَتْرٌ. وَرَوَى قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: هُوَ الْعَدَدُ مِنْهُ شَفْعٌ وَمِنْهُ وتر.
«٢٣٣٥» وقال قتادة: هي الصَّلَوَاتُ مِنْهَا شَفْعٌ وَمِنْهَا وَتْرٌ. وَرَوَى ذَلِكَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حصين مرفوعا.
٢٣٣٥- ورد مرفوعا وموقوفا ومقطوعا، والصحيح موقوف.
- أثر قتادة أخرجه الطبري ٣٧١٠٠ عن قتادة قوله.
- وورد مرفوعا من حديث عمران بن حصين «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي هَذِهِ الآية: وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ قال: هي الصلاة منها شفع، ومنها وتر».
- أخرجه الترمذي ٣٣٤٢ والطبري ٣٧٠٩٩ والحاكم ٢/ ٥٢٢ وأحمد ٤/ ٤٣٧ من طريق عمران بن عصام عن شيخ من أهل البصرة عن عمران بن حصين به.
(١) في المطبوع «يمن بن رباب».


الصفحة التالية
Icon