التسليم للسادة الصوفية الذين هم مركز الدائرة المحمدية ما هم عليه، واتهام ذهنك السقيم فيما لم يصل - لكثرة العوائق - إليه:
وإذا لم تر الهلال فسلِّم | لأناس رأوه بالأبصار |
ومثل هذه الأقوال أشبه ما تكون بالإكراه لنا على قبول وجدانيات القوم وشطحاتهم مهما أوغلت فى البُعْد والغرابة، وتوريط لنا بتسليم كل ما يقولون تحت تأثير ما لهم فى نفوسنا من المكانة العلمية والدينية، ومهما يكن من شىء فأنا عند رأيى لا أتحول عنه، حتى إذا ما جعت جوع القوم، وسهرت سهرهم، ووجدت مواجيدهم، سلَّمتُ لهم بكل ما يقولون "ومن ذاق عرف".
والخلاصة.. أن مثل هذه التفاسير الغريبة للقرآن، مزَّلة قدم لمن لم يعرف مقاصد القوم، وليتهم احتفظوا بها عند أنفسهم، ولم يذيعوها على الناس فيوقعوهم فى حيرة واختلاف، منهم مَن يأخذها على ظاهرها ويعتقد أن ذلك هو مراد الله من كلامه، وإذا عارضه ما يُنقل فى كتب التفسير على خلافه فربما كذَّب به أو أشكل عليه، ومنهم مَن يكذبها على الإطلاق، ويرى أنها تقوُّل على الله وبهتان، ليتهم فعلوا ذلك، إذن لأراحونا من هذه الحيرة، وأراحوا أنفسهم من كلام الناس فيهم، وقذف البعض لهم بالكفر والإلحاد فى آيات الله!!
* *
شروط قبول التفسير الإشارى
تبين لنا فيما سبق أن التفسير الإشارى منه ما هو مقبول، ومنه ما ليس بمقبول، فعلينا بعد ذلك أن نذكر الشروط التى يجب أن تتوفر فى التفسير الإشارى - وإن كنا تعرَّضنا لأهمها فيما سبق - حتى يكون تفسيراً مقبولاً.. وإليك هذه الشروط:
أولاً: أن لا يكون التفسير الإشارى منافياً للظاهر من النظم القرآنى الكريم.