١٤ -
﴿وَوَاعَدْنَا﴾ بِأَلِفٍ وَدُونهَا ﴿مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَة﴾ نُكَلِّمهُ عِنْد انْتِهَائِهَا بِأَنْ يَصُومهَا وَهِيَ ذُو الْقَعْدَة فَصَامَهَا فَلَمَّا تَمَّتْ أَنْكَرَ خُلُوف فَمه فَاسْتَاك فَأَمَرَهُ اللَّه بِعَشَرَةٍ أُخْرَى لِيُكَلِّمهُ بِخُلُوفِ فَمه كما قال تعالى ﴿وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ﴾ مِنْ ذِي الْحِجَّة ﴿فَتَمَّ مِيقَات رَبّه﴾ وَقْت وَعْده بِكَلَامِهِ إيَّاهُ ﴿أَرْبَعِينَ﴾ حَال ﴿لَيْلَة﴾ تَمْيِيز ﴿وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ﴾ عِنْد ذَهَابه إلَى الْجَبَل لِلْمُنَاجَاةِ ﴿اُخْلُفْنِي﴾ كُنْ خَلِيفَتِي ﴿فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ﴾ أَمْرهمْ ﴿وَلَا تَتَّبِع سَبِيل الْمُفْسِدِينَ﴾ بِمُوَافَقَتِهِمْ عَلَى الْمَعَاصِي
١٤ -
﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا﴾ أَيْ لِلْوَقْتِ الَّذِي وَعَدْنَاهُ بِالْكَلَامِ فِيهِ ﴿وَكَلَّمَهُ رَبّه﴾ بِلَا وَاسِطَة كَلَامًا سَمِعَهُ مِنْ كُلّ جِهَة ﴿قَالَ رَبّ أَرِنِي﴾ نَفْسك ﴿أَنْظُر إلَيْك قَالَ لَنْ تَرَانِي﴾ أَيْ لَا تَقْدِر عَلَى رُؤْيَتِي وَالتَّعْبِير بِهِ دُون لَنْ أَرَى يُفِيد إمْكَان رُؤْيَته تَعَالَى ﴿وَلَكِنْ اُنْظُرْ إلَى الْجَبَل﴾ الَّذِي هُوَ أَقْوَى مِنْك ﴿فَإِنْ اسْتَقَرَّ﴾ ثَبَتَ ﴿مَكَانه فَسَوْف تَرَانِي﴾ أَيْ تَثْبُت لِرُؤْيَتِي وَإِلَّا فَلَا طَاقَة لَك ﴿فَلَمَّا تَجَلَّى رَبّه﴾ أَيْ ظَهَرَ مِنْ نُوره قَدْر نِصْف أُنْمُلَة الْخِنْصَر كَمَا فِي حَدِيث صَحَّحَهُ الْحَاكِم ﴿لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا﴾ بِالْقَصْرِ وَالْمَدّ أَيْ مَدْكُوكًا مُسْتَوِيًا بِالْأَرْضِ ﴿وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا﴾ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ لِهَوْلِ مَا رَأَى ﴿فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانك﴾ تَنْزِيهًا لَك ﴿تُبْت إلَيْك﴾ مِنْ سُؤَال مَا لَمْ أُؤْمَر بِهِ ﴿وَأَنَا أَوَّل الْمُؤْمِنِينَ﴾ فِي زَمَانِي
١٤ -
﴿قَالَ﴾ تَعَالَى لَهُ ﴿يَا مُوسَى إنِّي اصْطَفَيْتُك﴾ اخْتَرْتُك ﴿عَلَى النَّاس﴾ أَهْل زَمَانك ﴿بِرِسَالَاتِي﴾ بِالْجَمْعِ وَالْإِفْرَاد ﴿وَبِكَلَامِي﴾ أَيْ تَكْلِيمِي إيَّاكَ ﴿فَخُذْ مَا آتيك﴾ مِنْ الْفَضْل ﴿وَكُنْ مِنْ الشَّاكِرِينَ﴾ لِأَنْعُمِي