ثمَّ يرحم بعد ذَلِك على الْعباد فيأمر الْمَلَائِكَة المقربين فيحملون عرش الرب عز وَجل حَتَّى يوضع فِي أَرض بَيْضَاء كَأَنَّهَا الْفضة لم يسفك فِيهَا دم حرَام وَلم يعْمل فِيهَا خَطِيئَة وَذَلِكَ أول يَوْم نظرت عين إِلَى الله تَعَالَى
ثمَّ تقوم الْمَلَائِكَة (حافين من حول الْعَرْش) (الزمر ٧٥) ثمَّ يُنَادي منادٍ فينادي بِصَوْت يسمع الثقلَيْن الْجِنّ والإِنس يستمع النَّاس لذَلِك الصَّوْت ثمَّ يخرج الرجل من الْموقف فيعرق النَّاس كلهم ثمَّ يعرق بِأخذ حَسَنَاته فَتخرج مَعَه فَيخرج بِشَيْء لم ير النَّاس مثله كَثْرَة وَيعرف النَّاس تِلْكَ الْحَسَنَات فَإِذا وقف بَين يَدي رب الْعَالمين قَالَ: أَيْن أَصْحَاب الْمَظَالِم فَيَقُول لَهُ الرَّحْمَن تَعَالَى: أظلمت فلَان بن فلَان فِي كَذَا وَكَذَا
فَيَقُول: نعم يَا رب وَذَلِكَ (يَوْم تشهد عَلَيْهِ ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بِمَا كَانُوا يعْملُونَ) (النُّور ٢٤) فَإِذا فرغ من ذَلِك فَيُؤْخَذ من حَسَنَاته فيدع إِلَى من ظلمه
وَذَلِكَ يَوْم لَا دِينَار وَلَا دِرْهَم إِلَّا أَخذ من الْحَسَنَات وَترك من السيئآت فَإِذا لم يبْق حَسَنَة قَالَ: من بَقِي يَا رَبنَا مَا بَال غَيرنَا استوفوا حُقُوقهم وَبَقينَا قيل: لَا تعجلوا فَيُؤْخَذ من سيئآتهم عَلَيْهِ فَإِذا لم يبْق أحد يَطْلُبهُ قيل لَهُ ارْجع إِلَى أمك الهاوية فَإِنَّهُ ﴿لَا ظلم الْيَوْم إِن الله سريع الْحساب﴾ وَلَا يبْقى ملك مقرب وَلَا نَبِي مُرْسل وَلَا صديق وَلَا شَهِيد إِلَّا ظن أَنه لم ينج لما رأى من شدَّة الْحساب
الْآيَة ١٨
أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ ﴿وَأَنْذرهُمْ يَوْم الآزفة﴾ قَالَ: السَّاعَة ﴿إِذْ الْقُلُوب لَدَى الْحَنَاجِر﴾ قَالَ: وَقعت فِي حَنَاجِرهمْ من المخافة فَلَا تخرج وَلَا تعود إِلَى أماكنها
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ ﴿وَأَنْذرهُمْ يَوْم الآزفة﴾ قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ ﴿إِذْ الْقُلُوب لَدَى الْحَنَاجِر﴾ قَالَ: إِذا عاين أهل النَّار النَّار حَتَّى تبلغ حَنَاجِرهمْ فَلَا تخرج فيموتون وَلَا ترجع