سُورَةُ الْمُزَّمِّلِ
حَدَّثَنَا يَمُوتُ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،: " أَنَّهَا نَزَلَتْ بِمَكَّةَ فَهِيَ مَكِّيَّةٌ إِلَّا آيَتَيْنِ مِنْهَا فَإِنَّهُمَا نَزَلَتَا بِالْمَدِينَةِ وَهُمَا قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِّ اللَّيْلِ﴾ [المزمل: ٢٠] إِلَى آخِرِهَا " فِيهَا مَوْضِعَانِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [المزمل: ٢] الْآيَةُ، فَجَازَ أَنْ يَكُونَ هَذَا نَدْبًا وَحَضًّا، وَأَنْ يَكُونَ حَتْمًا وَفَرْضًا، غَيْرَ أَنَّ بَابَهُ أَنْ يَكُونَ حَتْمًا وَفَرْضًا إِلَّا أَنْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَالدَّلَائِلُ تُقَوِّي أَنَّهُ كَانَ حَتْمًا وَفَرْضًا وَذَلِكَ أَنَّ النَّدْبَ وَالْحَضَّ لَا يَقَعُ عَلَى بَعْضِ اللَّيْلِ دُونَ بَعْضٍ لِأَنَّ قِيَامَهُ لَيْسَ مَخْصُوصًا بِهِ وَقْتٌ دُونَ وَقْتٍ، وَأَيْضًا فَقَدْ جَاءَ التَّوْقِيفُ بِمَا سَنَذْكُرُهُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - وَجَازَ أَنْ يَكُونَ هَذَا حَتْمًا وَفَرْضًا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحْدَهُ، وَجَازَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ وَعَلَى أُمَّتِهِ فَجَاءَ التَّوْقِيفُ: بِأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ نُسِخَ
كَمَا قُرِئَ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ -[٧٥٢]- أَوْفَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، قَالَ: انْطَلَقْنَا إِلَى عَائِشَةَ فَاسْتَأْذَنَّا عَلَيْهَا فَقُلْتُ: أَنْبِئِينِي بِقِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: أَلَسْتَ تَقْرَأُ هَذِهِ السُّورَةَ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ؟، قُلْتُ: بَلَى، قَالَتْ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى افْتَرَضَ الْقِيَامَ فِي أَوَّلِ ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ﴾ [المزمل: ١] عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى أَصْحَابِهِ حَوْلًا حَتَّى انْتَفَخَتْ أَقْدَامُهُمْ فَأَمْسَكَ اللَّهُ تَعَالَى خَاتِمَتَهَا اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ أَنْزَلَ التَّخْفِيفَ فِي أَخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ أَنْ كَانَ فَرِيضَةً " قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُخْتَصَرٌ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَتَبَيَّنَ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ كَانَ فَرْضًا عَلَيْهِ وَعَلَى أَصْحَابِهِ ثُمَّ نُسِخَ وَقَوْلُ عَائِشَةَ حَوْلًا يُبَيِّنُ لَكَ مَا فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ مِمَّا يُشْكَلُ عَلَى قَوْمٍ وَذَلِكَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُمْ: صَلُّوا كَذَا إِلَى حَوْلٍ، أَوْ قِيلَ لَهُمْ: صَلُّوا كَذَا ثُمًّ نُسِخَ بَعْدُ فَقَدْ كَانَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: صَلُّوا كَذَا أَنَّهُ إِلَى وَقْتِ كَذَا وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ النَّسْخُ


الصفحة التالية
Icon