بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

سُورَةُ الْقَصَصِ
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ الْآيَةَ.
الْخِطَابُ فِي قَوْلِهِ: «وَلَكَ» يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُخَاطَبَ وَاحِدٌ، وَفِي قَوْلِهِ: «لَا تَقْتُلُوهُ» يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ جَمَاعَةٌ.
وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ صِيغَةَ الْجَمْعِ لِلتَّعْظِيمِ.
الثَّانِي: أَنَّهَا تَعْنِي فِرْعَوْنَ وَأَعْوَانَهُ الَّذِينَ هَمُّوا مَعَهُ بِقَتْلِ مُوسَى، فَأَفْرَدَتِ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهَا: «لَكَ»، لِأَنَّ كَوْنَهُ: «قُرَّةُ عَيْنٍ» فِي زَعْمِهَا يَخْتَصُّ بِفِرْعَوْنَ دُونَهُمْ وَجَمَعَتْهُ فِي قَوْلِهَا: «لَا تَقْتُلُوهُ»، لِأَنَّهُمْ شُرَكَاءُ مَعَهُ فِي الْهَمِّ بِقَتْلِهِ.
الثَّالِثُ: أَنَّهَا لَمَّا اسْتَعْطَفَتْ فِرْعَوْنَ عَلَى مُوسَى الْتَفَتَتْ إِلَى الْمَأْمُورِينَ بِقَتْلِ الصِّبْيَانِ قَائِلَةً لَهُمْ: لَا تَقْتُلُوهُ. مُعَلِّلَةً ذَلِكَ بِقَوْلِهَا: عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا الْآيَةَ.
أَهْلُهُ زَوْجَتُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَسَارَ بِأَهْلِهِ [٢٨ ٢٩]، لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ أَنَّهُ سَارَ مِنْ عِنْدِ شُعَيْبٍ بِزَوْجَتِهِ ابْنَةِ شُعَيْبٍ أَوْ غَيْرِ شُعَيْبٍ عَلَى الْقَوْلِ بِذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: «امْكُثُوا» : خِطَابُ جَمَاعَةِ الذُّكُورِ، فَمَا وَجْهُ خِطَابِ الْمَرْأَةِ بِخِطَابِ جَمَاعَةِ الذُّكُورِ.
وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ الْإِنْسَانَ يُخَاطِبُ الْمَرْأَةَ بِخِطَابِ الْجَمَاعَةِ، تَعْظِيمًا لَهَا، وَنَظِيرُهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
فَإِنْ
شِئْتِ
حَرَّمْتُ
النِّسَاءَ
سِوَاكُمُ


الصفحة التالية
Icon