بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ الزُّخْرُفِقَوْلُهُ تَعَالَى: قَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ.
كَلَامُهُمْ هَذَا حَقٌّ، لِأَنَّ كُفْرَهُمْ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ الْكَوْنِيَّةِ، وَقَدْ صَرَّحَ اللَّهُ بِأَنَّهُمْ كَاذِبُونَ حَيْثُ قَالَ: مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ [٤٣ ٢٠].
وَقَدْ قَدَّمْنَا الْجَوَابَ وَاضِحًا فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ " فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ: سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا [٦ ١٤٨].
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ.
هَذَا الْعَطْفُ مَعَ التَّنْكِيرِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ يَتَوَهَّمُ الْجَاهِلُ مِنْهُ تَعَدُّدَ الْآلِهَةِ، مَعَ أَنَّ الْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةَ مُصَرِّحَةٌ بِأَنَّهُ وَاحِدٌ كَقَوْلِهِ: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ [٤٧ ١٩]، وَقَوْلِهِ: وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ الْآيَةَ [٥].
وَالْجَوَابُ أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ، أَنَّهُ تَعَالَى هُوَ مَعْبُودُ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، فَقَوْلُهُ: وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ أَيْ مَعْبُودٌ وَحْدَهُ فِي السَّمَاءِ، كَمَا أَنَّهُ الْمَعْبُودُ بِالْحَقِّ فِي الْأَرْضِ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.