تفسير سورة الجمعة
إحدى عشرة آية، مدنية.
١١٩٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْعَزَايِمِيُّ، أنا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ بِالْإِسْنَادِ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْجُمُعَةِ أُعْطِيَ عَشْرُ حَسَنَاتٍ بِعَدَدِ مَنْ أَتَى الْجُمُعَةَ، وَبِعَدَدِ مَنْ لَمْ يَأْتِهَا فِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ».
بسم الله الرحمن الرحيم ﴿يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ {١﴾ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ﴿٢﴾ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿٣﴾ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴿٤﴾ } [الجمعة: ١-٤].
يسبح لله الآية، قال أهل المعاني: إنما أعيد ذكر التسبيح في هذه ال ﴿ [، لاستفتاح السورة بتعظيم الله من جهة ما سبح له، كما يستفتح ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وإذا جعل المعنى في تعظيم الله حسن الاستفتاح به.
قوله:] هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ﴾ [سورة الجمعة: ٢] يعني: العرب، وكانت أمة أمية، لا تكتب ولا تقرأ، ولم يبعث إليهم نبي، رسولًا منهم يعني: محمدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نسبه نسبهم، وهو من جنسهم، كما قال: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾ [التوبة: ١٢٨]، وقوله: ﴿يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ﴾ [الجمعة: ٢] والهداية إلى دينه.
﴿وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [الجمعة: ٤] ذو المن العظيم على خلقه ببعثه محمدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
مفسر في ﴿ [البقرة إلى قوله:] وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ [سورة الجمعة: ٢] أي: ما كانوا قبل بعثه فيهم، إلا في ضلال مبين وهو الشرك، وكانوا يعبدون الأوثان من الحجارة وآخرين وبعث في آخرين يعني: الأعاجم، ومن لم يتكلم بلغة العرب، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مبعوث إلى من شاهده، وإلى كل من كان بعدهم من العرب، والعجم، وقوله: منهم لأنهم إذا أسلموا صاروا منهم، والمسلمون كلهم يد واحدة، وأمة واحدة، وإن اختلفت أجناسهم، كما قال الله تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ [التوبة: ٧١] ومن لم يؤمن بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنهم ليسوا ممن عناهم الله بقوله: وآخرين منهم وإن كان مبعوثًا إليهم بالدعوة، لأنه قال: ﴿وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ﴾ [الجمعة: ٢]، ومن لم يؤمن فإنه ليس ممن زكاه، وعلمه القرآن والسنة، وقوله: ﴿لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾ [الجمعة: ٣] أي: في الفضل والسابقة لأن التابعين لا يدركون شأو الصحابة.
﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ [الجمعة: ٤] يعني: الإسلام.
ثم ضرب لليهود الذين تركوا العمل بالتوراة مثلًا، فقال: