سورة السجدة
وتسمى سورة المضاجع، مكية عند أكثرهم، تسع وعشرون آية، ستمائة وثمانون كلمة، ألف وخمسمائة وثمانية عشر حرفا
الم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٢) ف «تنزيل» خبر عن «ألم»، أي هذه السورة المسماة «ألم» منزل الكتاب و «لا ريب فيه» حال من «الكتاب»، و «من رب» متعلق ب «تنزيل». أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ أي بل أيقول كفار مكة اختلق محمد القرآن من تلقاء نفسه! بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ أي بل القرآن هو الثابت من ربك نزل به جبريل عليك لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣) أي لكي تخوف بالقرآن قوما لم يأتهم رسول مخوف قبلك راجيا أنت لاهتدائهم، اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ أولها أحد وآخرها جمعة، ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ أي ثم استقام الله على ملكه وتصرف فيه تصرفا تاما، والعرش موجود قبل السموات والأرض ما لَكُمْ يا أهل مكة مِنْ دُونِهِ أي من غير الله مِنْ وَلِيٍّ أي قريب ينفعكم، وَلا شَفِيعٍ ينصركم من عذاب الله فعبادتكم لهذه الأصنام ضائعة لا هم خالقوكم ولا ناصروكم، أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (٤) أي أتستمعون هذه المواعظ فلا تتذكرون يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٥)، أي يدبر أمر الدنيا من السماء على عباده، ويصعد إليه آثار الأمر وهي أعمالهم الصالحة الصادرة على موافقة ذلك الأمر، فإن نزول الأمر وعروج العمل في مسافة ألف سنة مما تعدون عليهم أي على غير الملائكة، فإن بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة سنة فينزل في مسيرة خمسمائة سنة ويعرج في مسيرة خمسمائة سنة، فهو مقدار ألف سنة.
قال عبد الرحمن بن سابط: يدبر أمر الدنيا أربعة: جبريل، وميكائيل، وملك الموت، وإسرافيل عليهم السلام. فأما جبريل: فموكل بالرياح والجنود. وأما ميكائيل: فموكل بالقطر والماء. وأما ملك الموت: فموكل بقبض الأرواح. وأما إسرافيل: فهو ينزل بالأمر عليهم وقد قيل: إن العرش موضع التدبير كما أن ما دون العرش موضع التفصيل، قال الله تعالى: ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ، وما دون السموات موضع التصريف ذلِكَ أي المدبر عالِمُ الْغَيْبِ


الصفحة التالية
Icon