سورة يس
وتسمى أيضا: القلب، والدافعة، والقاضية، والمعممة. مكية، ثلاث وثمانون آية، سبعمائة وتسع وعشرون كلمة، وثلاثة آلاف حرف
يس (١) أي وهذه يس، أو اقرأ يس، وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٢) أي المتضمن للحكمة.
اعلم أن العبادة قلبية ولسانية وجارحية، وكل واحدة منها قسمان قسم علم معناه، وقسم لم يعلم.
أما القلبية: فمنها ما لم يعلم دليله عقلا، وإنما وجب الإيمان به كالصراط الذي هو أرق من الشعرة، وأحد من السيف ويمر عليه المؤمن كالبرق الخاطف، والميزان الذي
توزن به الأعمال التي لا ثقل لها في نظر الناظر، وكيفيات الجنة والنار، لأن هذه الأشياء وجودها لم يعلم بدليل عقلي وإنما المعلوم بالعقل إمكانها، ووقوعها مقطوع به بالسمع، ومنها ما علم كالتوحيد والنبوة وقدرة الله وصدق الرسول في العبادات الجارحية ما علم معناه وما لم يعلم، كمقادير النصب وعدد الركعات فالعبد. إذا أتى بما أمر به من غير أن يعلم ما فيه من الفائدة فلا يكون الإتيان به إلا لمحض العبادة بخلاف ما لو علم الفائدة فربما يأتي للفائدة فقط، وإن لم يؤمن كما لو قال السيد لعبده: انقل هذه الحجارة من هاهنا ولم يعلمه بما في النقل فنقلها ولو قال: انقلها فإن تحتها كنزا هو لك فإنه ينقلها، وإن لم يؤمن، فكذلك العبادات اللسانية، فمنها ما لا يفهم معناه فإذا تكلم به العبد علم أنه لا يقصد غير الانقياد لأمر المعبود الآمر الناهي، فإذا قال: يس، حم، الم، طس، علم الله أنه لا يذكر ذلك لمعنى يفهمه بل هو يتلفظ به إقامة لما أمر به إِنَّكَ يا أشرف الخلق لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٣) عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤) أي ثابت على شريعة شريفة، فإن شريعته صلّى الله عليه وسلّم أقوم الشرائع، وقوله: عَلى صِراطٍ خبر ثان ل «إن». تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٥).
وقرأ ابن عامر، وحفص، وحمزة والكسائي بالنصب على الحال أو على المدح بإضمار أعني أي حال كون القرآن تنزيل المانع عن أشياء المطلق لأشياء، أو المنتقم لمن لا يؤمن، الرحيم لمن آمن. والباقون بالرفع أي هذا تكليم العزيز. وقرئ بالجر على أنه بدل من القرآن كأنه تعالى قال: والقرآن الحكيم، تنزيل العزيز الرحيم، إنك لمن المرسلين، لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ