سورة الحاقة
مكية، إحدى وخمسون آية، مائتان وست وخمسون كلمة، ألف وأربعمائة وثمانون حرفا
الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ (٢) أي أيّ شيء هي وَما أَدْراكَ أي وأيّ شيء أعلمك مَا الْحَاقَّةُ (٣) أي إنك لا علم لك يا أشرف الخلق بكنهها، ومدى عظمها، والحاقة هي الساعة الثابتة الوقوع، الواجبة المجيء، أو التي تحق فيها الأمور، أي تعرف على الحقيقة، كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ (٤) أي بالحالة التي تقرع قلوب الناس بالإفزاع وهي القيامة، وقوارعها انفطار السماء، وانشقاقها، ودك الأرض، ونسف الجبال، وطمس النجوم وانكدارها، فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (٥) أي بالصيحة المجاوزة للحد في القوة، وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ، أي باردة عاتِيَةٍ (٦)، أي مجاوزة للحد في شدة عصفها، سَخَّرَها أي سلطها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً، أي متتابعة من صبيحة أربعاء لثمان بقين من شوال إلى غروب الأربعاء الآخر، فكان آخرها هو اليوم الأخير منه، فَتَرَى الْقَوْمَ أي قوم هود إن كنت حاضرا وقتئذ فِيها أي في مهاب الريح صَرْعى، أي موتى مجندلين على الأرض، كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ (٧) أي كأنهم أصول نخل ساقطة بالية، فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ (٨) ؟ قال قوم: أي لم يبق من نسل أولئك القوم أحد.
وقال ابن جريج: كانوا سبع ليال وثمانية أيام، أحياء في عقاب الله من الريح، فلما أمسوا اليوم الثاني ماتوا، فاحتملتهم الريح، فألقتهم في البحر، فذلك قوله تعالى: فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ. وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ قرأه أبو عمرو والكسائي بكسر القاف وفتح الباء، أي ومن عنده من أتباعه وجنوده، ويؤيده قراءة ابن مسعود، وأبيّ وأبي موسى «ومن تلقاءه». وقرأ أبي أيضا ومن معه، والباقون بفتح القاف وسكون الباء أي من تقدمه من الأمم. وَالْمُؤْتَفِكاتُ أي أهل القريات الخمسة المنقلبات قوم لوط، وهي صنعة، وصعرة، وعمرة، ودوما، وسذوم بِالْخاطِئَةِ (٩) أي بالخطإ، كتكذيب البعث، وكاللواط والصفع والضراط، وغير ذلك من أنواع المعاصي، فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ موسى ولوطا وغيرهما، فَأَخَذَهُمْ أي الله تعالى أَخْذَةً رابِيَةً (١٠)، أي زائدة في