سورة المزمل
وهي عشرون آية، مائتان وخمس وثمانون كلمة، ثمانمائة وثمانية وثلاثون حرفا
يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) خوطب به النبي صلّى الله عليه وسلّم تهجينا لما كان عليه من الحالة حيث كان صلّى الله عليه وسلّم متلففا بقطيفة، مستعد للنوم كما يفعله من لا يهمه أمر، فأمر بأن يترك التزمل إلى التشمر للعبادة، والهجود إلى التهجد. وقرئ «يا أيها المتزمل». قُمِ اللَّيْلَ أي قم إلى صلاة الليل إِلَّا قَلِيلًا (٢) نِصْفَهُ بدل من الليل، أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (٣) أي أو انقص القيام من النصف نقصا قليلا إلى نصف النصف، أَوْ زِدْ عَلَيْهِ أي أو زد القيام على النصف إلى الثلثين، وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (٤) أي بين القرآن في أثناء القيام تبيينا بأن يبين جميع الحروف، ويوفي حقها إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (٥)، أي سنوحي قرآنا منطويا على تكاليف شاقة على المكلفين، إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً بفتح الواو وسكون الطاء عند الجمهور. وقرأ قتادة وشبل بكسر الواو وسكون الطاء، والمعنى: أن قيام الليل بالصلاة هي أشد نشاطا وثبات قدم.
وقرأ أبو عمرو وابن عامر «وطاء» بكسر الواو وفتح الطاء، أي موافقة للخشوع والإخلاص وَأَقْوَمُ قِيلًا (٦) أي أصوب قراءة، وأحسن لفظا من النهار لسكون الأصوات، إِنَّ لَكَ يا سيد الرسل فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا (٧)، أي تقلبا طويلا في مهماتك فلا تتفرغ لخدمة الله إلا بالليل.
وقرئ «سبخا» بالخاء المنقطة من فوق، أي تفرق قلب بالشواغل ويقال المعنى: إن فاتك من الليل شيء فلك في النهار فراغ فاصرفه إليه، وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ أي دم على ذكر اسم ربك ليلا ونهارا على أيّ وجه كان من تسبيح وتهليل، وتحميد، ودعاء، وصلاة، وقراءة قرآن، ودراسة علم.
قال سهل: أي قل بسم الله الرحمن الرحيم في ابتداء قراءتك توصلك ببركة قراءتها إلى ربك وتقطعك عما سواه اه. أي سواء قرأت في الصلاة أو في خارجها، وهذا إذا قرأ من أول سورة، وأما إذا قرأ من أثناء سورة فإنه إن كان في غير الصلاة سن له أن يبسمل وإن كان فيها لم تسن له البسملة، لأن قراءة السورة بعد الفاتحة تعد قراءة واحدة، وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (٨) أي انقطع إلى الله تعالى عن الدنيا بإخلاص العبادة، رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ.
قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي بالجر على البدل من ربك، أو على القسم بإضمار حرف