سورة الانشقاق
مكية، خمس وعشرون آية، مائة وتسع كلمات، سبعمائة وثلاثون حرفا
إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ (١) من المجرة بالغمام، والمجرة: هي البياض المعترض في السماء وَأَذِنَتْ لِرَبِّها أي انقادت لتأثير قدرته، وَحُقَّتْ (٢) أي وهي حقيقة بأن تنقاد، وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (٣) مد الأديم العكاظي وزيدت في سعتها، وَأَلْقَتْ ما فِيها أي رمت بما في جوفها من الموتى والكنوز، وَتَخَلَّتْ (٤) أي وخلت غاية الخلو حتى لم يبق في
باطنها شيء، وَأَذِنَتْ لِرَبِّها أي انقادت له في الإلقاء والتخلي، وَحُقَّتْ (٥) أي وهي حقيقة بذلك وقوله تعالى: وَأَذِنَتْ لِرَبِّها يدل على نفوذ القدرة في شق السماء وبسط الأرض، وإخلاء ما فيها من غير ممانعة أصلا، وجواب «إذا» محذوف تقديره: علمت نفس عملها، أو ليذهب الوهم إلى كل شيء، وإن جعلت غير شرطية فهو منصوب باذكر مقدرا. يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ (٦) أي يا ابن آدم إنك متعب النفس في العمل في دنياك تعبا حتى ترجع به إلى ربك في الآخرة فملاق ذلك العمل خيرا كان أو شرا في الكتاب الذي فيه بيانه، فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً (٨) وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً (٩) أي فأما من أعطى كتاب عمله الذي كتبه الملائكة بيمينه من أمامه، فسوف يحاسب حسابا هينا، وهو العرض ويرجع إلى عشيرته المؤمنين مبتهجا بحاله قائلا: هاؤم اقرؤا كتابي. وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ (١٠) فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً (١١) أي وأما من أعطي كتاب عمله بشماله من وراء ظهره
فسوف يتمنى الهلاك ويناديه بقوله: يا ثبوراه تعال وهذا أوانك وَيَصْلى سَعِيراً (١٢)، أي ويدخل نارا وقودا. وقرأ أبو عمرو وعاصم بفتح الياء وسكون الصاد وتخفيف اللام. وقيل: قرأ عاصم وحمزة وأبو عمرو بضم الياء وسكون الصاد. والباقون بضم الياء وفتح الصاد وتشديد اللام، إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ أي فيما بين عشيرته في الدنيا مَسْرُوراً (١٣) بما هو عليه من الكفر بالله والتكذيب بالبعث يضحك ممن آمن بالله وصدق بالحساب. وقد
روي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر»
«١». إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (١٤) أي إنه ظن أنه لن يرجع في الآخرة إلى خلاف ما