بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

سورة الإسراء
وتسمى الإسراء وسبحان أيضا وهي كما أخرج ابن مردويه عن ابن عباس. وابن الزبير رضي الله تعالى عنهم مكية وكونها كذلك بتمامها قول الجمهور، وقال صاحب الغنيان بإجماع، وقيل الآيتين وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ [الإسراء: ٧٣] وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ [الإسراء: ٧٦] وقيل إلا أربعا هاتان وقوله تعالى: وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ [الإسراء: ٦٠] وقوله سبحانه: وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ [الإسراء: ٨٠] وزاد مقاتل قوله سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ [الإسراء: ١٠٧] الآية.
وعن الحسن إلا خمس آيات وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ [الإسراء: ٣٣] الآية وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى [الإسراء: ٣٢] الآية أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ [الإسراء: ٥٧] الآية أَقِمِ الصَّلاةَ [الإسراء: ٧٨] الآية وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ [الإسراء:
٢٦] الآية، وقال قتادة: إلا ثماني آيات وهي قوله تعالى: وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ إلى آخرهن، وقيل غير ذلك، وهي مائة وعشر آيات عند الجمهور وإحدى عشرة عند الكوفيين
وكان صلّى الله تعالى عليه وسلّم كما أخرج أحمد.
والترمذي وحسنه. والنسائي. وغيرهم عن عائشة يقرؤها والزمر كل ليلة، وأخرج البخاري. وابن الضريس وابن مردويه عن ابن مسعود
أنه قال في هذه السورة والكهف ومريم وطه والأنبياء هن من العتاق الأول وهن من تلادي، وهذا وجه في ترتيبها، ووجه اتصال هذه بالنحل- كما قال الجلال السيوطي- أنه سبحانه لما قال في آخرها إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ [النحل: ١٢٤] ذكر في هذه شريعة أهل السبت التي شرعها سبحانه لهم في التوراة فقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: إن التوراة كلها في خمس عشرة آية من سورة بني إسرائيل، وذكر تعالى فيها عصيانهم وإفسادهم وتخريب مسجدهم واستفزازهم النبي صلّى الله عليه وسلّم وإرادتهم إخراجه من المدينة وسؤالهم إياه عن الروح ثم ختمها جل شأنه بآيات موسى عليه السلام التسع وخطابه مع فرعون وأخبر تعالى أن فرعون أراد أن يستفزهم من الأرض فأهلك وورث بنو إسرائيل من بعده وفي ذلك تعريض بهم أنهم سينالهم ما نال فرعون حيث أرادوا بالنبي صلّى الله عليه وسلّم ما أراد هو بموسى عليه السلام وأصحابه، ولما كانت هذه السورة مصدّرة بقصة تخريب المسجد الأقصى افتتحت بذكر إسراء المصطفى صلّى الله عليه وسلّم تشريفا له بحلول ركابه الشريف جبرا لما وقع من تخريبه.
وقال أبو حيان في ذلك: إنه تعالى لما أمر نبيه عليه الصلاة والسلام بالصبر ونهاه عن الحزن على الكفرة وضيق الصدر من مكرهم وكان من مكرهم نسبته صلّى الله عليه وسلّم إلى الكذب والسحر والشعر وغير ذلك مما رموه وحاشاه به عقب ذلك بذكر شرفه وفضله وعلو منزلته عنده عز شأنه، وقيل: وجه ذلك اشتمالها على ذكر نعم منها خاصة ومنها عامة وقد ذكر في سورة النحل من النعم ما سميت لأجله سورة النعم واشتمالها على ذكر شأن القرآن العظيم كما اشتملت تلك وذكر سبحانه هناك في النحل يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ [النحل: ٦٩] وذكر هاهنا في


الصفحة التالية
Icon