سورة السجدة
وتسمى المضاجع أيضا كما في الإتقان، وفي مجمع البيان أنها كما تسمى سورة السجدة تسمى سجدة لقمان لئلا تلتبس بحم السجدة، وأطلق القول بمكيتها، أخرج ابن الضريس، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس إنها نزلت بمكة، وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير مثله، وجاء في رواية أخرى عن الحبر استثناء، أخرج النحاس عنه رضي الله تعالى عنه أنه قال: نزلت سورة السجدة بمكة سوى ثلاث آيات أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً إلى تمام الآيات الثلاث، وروي مثله عن مجاهد، والكلبي، واستثنى بعضهم أيضا آيتين أخريين وهما قوله تعالى: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ [السجدة: ١٦] إلخ، واستدل عليه ببعض الروايات في سبب النزول وستطلع على ذلك إن شاء الله تعالى واستبعد استثناؤهما لشدة ارتباطهما بما قبلهما، وهي تسع وعشرون آية في البصري وثلاثون في الباقية، ووجه مناسبتها لما قبلها اشتمال كل على دلائل الألوهية، وفي البحر لما ذكر سبحانه فيما قبل دلائل التوحيد وهو الأصل الأول ثم ذكر جلّ وعلا المعاد وهو الأصل الثاني وختم جل شأنه به السورة ذكر تعالى في بدء هذه السورة الأصل الثالث وهو النبوة وقال الجلال السيوطي في وجه الاتصال بما قبلها: إنها شرح لمفاتيح الغيب الخمسة التي ذكرت في خاتمة ما قبل، فقوله تعالى: ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ [السجدة: ٥] شرح قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ [لقمان: ٣٤] ولذلك عقب بقوله سبحانه: عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ [السجدة: ٦] وقوله تعالى:
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ [السجدة: ٧] شرح قوله سبحانه: وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ [لقمان: ٣٤] وقوله تبارك وتعالى: الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ [السجدة: ٧] الآيات شرح قوله جل جلاله: وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ [لقمان: ٣٤] وقوله عزّ وجلّ: يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ [السجدة: ٥] وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها [السجدة: ١٣] شرح قوله تعالى: وَما تَدْرِي نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَداً وقوله جلّ وعلا: أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ [السجدة: ١٠] إلى قوله تعالى: قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ [السجدة: ١١] شرح قوله سبحانه: وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ [لقمان: ٣٤] اه، ولا يخلو عن نظر، وجاء في فضلها أخبار كثيرة،
أخرج أبو عبيد وابن الضريس من مرسل المسيب بن رافع أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال: «تجيء الم تنزيل- وفي رواية- الم السجدة يوم القيامة لها جناحان تظل صاحبها وتقول: لا سبيل عليه لا سبيل عليه».
وأخرج الدارمي، والترمذي، وابن مردويه عن طاوس قال: الم السجدة، وتبارك الذي بيده الملك تفضلان على كل سورة في القرآن بستين حسنة، وفي رواية عن ابن عمر تفضلان ستين درجة على غيرهما من سور القرآن.
وأخرج أبو عبيد في فضائله، وأحمد، وعبد بن حميد، والدارمي، والترمذي، والنسائي، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن جابر قال: «كان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ الم تنزيل السجدة وتبارك الذي بيده الملك»