سورة الطّارق
مكية بلا خلاف وهي سبع عشرة آية على المشهور وفي التيسير ست عشرة، ولما ذكر سبحانه فيما قبلها تكذيب الكفار للقرآن نبه تعالى شأنه هنا على حقارة الإنسان ثم استطرد جل وعلا منه إلى وصف القرآن ثم أمر سبحانه نبيه صلّى الله عليه وسلم بإمهال أولئك المكذبين فقال عز قائلا:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. وَالسَّماءِ هي المعروفة على ما عليه الجمهور، وقيل المطر هنا وهو أحد استعمالاتها ومنه قوله:

إذا نزل السماء بأرض قوم رعيناه وإن كانوا غضابا
ولا يخفى حاله والطَّارِقِ وهو في الأصل اسم فاعل من الطرق بمعنى الضرب بوقع أشده يسمع لها صوت ومنه المطرقة والطريق لأن السابلة تطرقها، ثم صار في عرف اللغة اسما لسالك الطريق لتصور أنه يطرقها بقدمه واشتهر فيه حتى صار حقيقة ثم اختص بالآتي ليلا لأنه في الأكثر يجد الأبواب مغلقة فيطرقها، ثم اتسع في كل ما يظهر بالليل كائنا ما كان حتى الصور الخيالية البادية فيه والعرب تصفها بالطروق كما في قوله:
طرق الخيال ولا كليلة مدلج سدكا (١) بأرحلنا ولم يتعرج
والمراد به هاهنا عند الجمهور الكوكب البادي بالليل إما على أنه اسم جنس أو كوكب معهود كما ستعلمه إن شاء الله تعالى. وقوله تعالى وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ تنويه بشأنه إثر تفخيمه بالإقسام وتنبيه على أن
(١) سدكا بفتح فكسر أي مونعا اه منه.


الصفحة التالية
Icon