سورة الشمس
مكية بلا خلاف وآيها ست عشرة آية في المكي والمدني الأول وخمس عشرة في الباقية. ولما ختم سبحانه السورة المتقدمة بذكر أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة أعاد جل شأنه في هذه السورة الفريقين على سبيل الفذلكة بقوله سبحانه قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها [الشمس: ٩، ١٠] وفي هذه فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها [الشمس: ٨] وهو كالبيان لقوله تعالى في الأولى وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ [البلد: ١٠] على أول التفسيرين وختم سبحانه الأولى بشيء من أحوال الكفرة في الآخرة، وختم جل وعز هذه بشيء من أحوالهم في الدنيا فقال عز من قائل:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالشَّمْسِ وَضُحاها أي ضوءها كما أخرجه الحاكم وصححه عن ابن عباس، والمراد إذا أشرقت وقام سلطانها. وقال بعض المحققين: حقيقة الضحى تباعد الشمس عن الأفق الشرقي المرئي وبروزها للناظرين ثم صار حقيقة في وقته، ثم إنه قيل لأول الوقت ضحوة ولما يليه ضحى ولما بعده إلى قريب الزوال ضحاء بالفتح والمد، فإذا أضيف إلى الشمس فهو مجاز عن إشراقها كما هنا، ونقل عن المبرد أن الضحى مشتق من الضح وهو نور الشمس والألف مقلوبة من الحاء الثانية وكذلك الواو من ضحوة مقلوبة منها، وتعقبه أبو حيان بقوله: لعله مختلق عليه لأن المبرد أجلّ من أن يذهب إلى هذا وهذان مادتان مختلفتان لا تشتق إحداهما من أخرى. وأجيب بأنه لم يرد الاشتقاق الصغير ولا يخفى حاله على الصغير والكبير. وعن مقاتل أن ضحاها حرها وهو تفسير باللازم وعن مقاتل المراد به النهار كله وفيه أنه تعالى أقسم به بعيد ذلك وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها أي تبعها فقيل باعتبار طلوعه وطلوعها أي إذا تلا طلوعه طلوعها بأن طلع من