سورة الفيل
مكية وآيها خمس بلا خلاف فيهما، وكأنه لما تضمن الهمز واللمز من الكفرة نوع كيد له عليه الصلاة والسلام عقب ذلك بقصة أصحاب الفيل للإشارة إلى أن عقبى كيدهم في الدنيا تدميرهم فإن عناية الله عز وجل برسوله صلّى الله عليه وسلم أقوى وأتم من عنايته سبحانه بالبيت، فالسورة مشيرة إلى مآلهم في الدنيا إثر بيان مآلهم في الأخرى، ويجوز أن تكون كالاستدلال على ما أشير إليه فيما قبلها من أن المال لا يغني من الله تعالى شيئا، أو على قدرته عز وجل على إنفاذ ما توعد به أولئك الكفرة في قوله سبحانه لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ [الهمزة: ٤] إلخ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ الظاهر أن الخطاب لرسول الله صلّى الله عليه وسلم والهمزة لتقرير رؤيته عليه الصلاة والسلام بإنكار عدمها وهي بصرية تجوز بها عن العلم على سبيل الاستعارة التبعية أو المجاز المرسل لأنها سببية، ويجوز جعلها علمية من أول الأمر إلّا أن ذاك أبلغ وعلمه صلّى الله عليه وسلم بذلك لما أنه سمعه متواترا. وكَيْفَ في محل نصب على المصدرية بفعل، والمعنى أي فعل فعل. وقيل على الحالية من الفاعل والكيفية حقيقة للفعل ب أَلَمْ تَرَ لمكان الاستفهام، والجملة سادة مسد المفعولين لتر. وجوز بعضهم نصب كَيْفَ بتر لإنسلاخ معنى الاستفهام عنه كما في شرح المفتاح الشريفي. وصرح أبو حيان بامتناعه لأنه يراعي صدارته إبقاء لحكم أصله وتعليق الرؤية بكيفية فعله تعالى شأنه لا بنفسه بأن يقال ألم تر ما فعل ربك إلخ. لتهويل الحادثة والإيذان بوقوعها على كيفية هائلة وهيئة عجيبة دالّة على عظم قدرة الله تعالى وكمال علمه وحكمته وغريبته وشرف رسوله صلّى الله عليه وسلم فإن ذلك كما قال غير واحد من الإرهاصات لما روي أن القصة وقعت في السنة التي ولد فيها النبي صلّى الله عليه وسلم. قال إبراهيم بن المنذر شيخ البخاري: لا يشك في ذلك أحد من العلماء وعليه الإجماع وكل ما خالفه وهم أي من أنها كانت قبل بعشر سنين أو بخمس عشرة سنة أو بثلاث وعشرين سنة أو بثلاثين سنة أو بأربعين سنة أو بسبعين سنة الأقوال المذكورة في كتب السير وعلى الأول