الباب الثاني عشر / في معرفة الوقف والابتداء والقطع والسكت
التمهيد للدخول إلى الباب
من مهمات المسائل في علم التجويد معرفة كل من الوقف والابتداء فإنهما من مباحثه بمكان مكين بعد معرفة مسائل المخارج والصفات. وينبغي لكل مَعْنيٍّ بتلاوة القرآن الكريم مجتهد في إيفائها حقها ومستحقها أن يقبل عليها ويصرف همته إليها إذ لا يتحقق فهم كلام الله تعالى ولا يتم إدراك معناه إلا بذلك. فربما يقف القارىء قبل تمام المعنى ولا يصل ما وقف عليه بما بعده حتى ينتهي إلى ما يصح أن يقف عنده. وعندئذ لا يفهم هو ما يقول ولا يفهمه السامع بل ربما يفهم من هذا الوقف معنى آخر غير المعنى المراد. وهذا فساد عظيم وخطر جسيم لا تصح به القراءة ولا توصف به التلاوة. وقد أوجب المتقدمون من الرعيل الأول على القارىء معرفة الوقف والابتداء لما جاء في ذلك من الآثار الواردة عن الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين. فقد ثبت أن الإمام عليّاً رضي الله عنه لما سئل عن قوله تعالى: ﴿وَرَتِّلِ القرآن﴾ [المزمل: ٤] فقال: الترتيل معناه تجويد الحروف ومعرفة الوقوف.
وذكر الإمام أبو جعفر النحاس في كتابة "القطع والائتناف" بإسناده إلى ابن عمر رضي الله عنهما قال - أي ابن عمر: "لقد عشنا برهة من دهرنا وإن أحدنا