تمهيد:
هذه الطبعة
شغلت بهذا البحث منذ أربعة عشر عامًا، وهو أحب البحوث إلى قلبي، فبعد اثني عشر عاما من حصولي على الدكتوراة١، وثماني سنوات من عملي في كلية البنات مدرسا للبلاغة العربية٢، لم يكن لي منهج واضح، ولا طريق مدروس، ولا سمة علمية محددة. كنت موزعا بين البلاغة التقليدية التي تربيت في أحضانها، ودرستها في الجامعة، وبين البلاغة الحديثة التي أطوق إلى تطبيقها، وتحقيق ما تعلمته منها على يد البلاغي المجدد، شيخ الأمناء الجليل: الشيخ أمين الخولي، والفاضل الأستاذ العلامة الدكتور مصطفى الجويني، والفاضل الأديب الشاعر العالم الدكتور يوسف خليف، والحجة، سيوطي العصر الحديث، الأستاذ الدكتور شوقي ضيف.
ولكني كنت عاجزا عن تكوين شخصية علمية، قادرة على الاختيار والإضافة، واعية بمسالك الطريق ومزالقه.
ومرت بي أزمة فكرية نفسية طاحنة، أريد أن أحقق شيئا ولكني لا أدري كيف أمسك به، كيف أتحكم فيه؟ كيف أعلنه بشكل علمي جدير بالالفتات إليه؟ فما كنت بمستطيع أن أكون بلاغيا تقليديا أردد كلاما يغيظني، وأملي أن أجدد، لكن قلمي عاجز.
فهداني الله سبحانه أن أبدأ بداية صغيرة محدودة تضعني على الطريق، وتحول الحلم إلى حقيقة، فكان هذا البحث٣.
٢ عينت مدرسا للبلاغة والنقد بكلية البنات، جامعة عين شمس سنة ١٩٧٥م.
٣ طبعته بدار المعارف بالإسكندرية، وكان بعنوان "الفصل والوصل في القرآن الكريم".