قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ الْإِنْكَاحُ هُنَا مَعْنَاهُ: التَّزْوِيجُ، وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى أَيْ: زَوِّجُوهُمْ، وَالْأَيَامَى: جَمْعُ أَيِّمٍ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ الْمَكْسُورَةِ، وَالْأَيِّمُ: هُوَ مَنْ لَا زَوْجَ لَهُ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، سَوَاءٌ كَانَ قَدْ تَزَوَّجَ قَبْلَ ذَلِكَ، أَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْ قَطُّ، يُقَالُ: رَجُلٌ أَيِّمٌ، وَامْرَأَةٌ أَيِّمٌ، وَقَدْ فَسَّرَ الشَّمَّاخُ بْنُ ضِرَارٍ فِي شِعْرِهِ: الْأَيِّمَ الْأُنْثَى بِأَنَّهَا الَّتِي لَمْ تَتَزَوَّجْ فِي حَالَتِهَا الرَّاهِنَةِ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ:
يُقِرُّ بِعَيْنِي أَنْ أُنَبَّأَ أَنَّهَا | وَإِنْ لَمْ أَنَلْهَا أَيِّمٌ لَمْ تَزَوَّجِ |
فَقَوْلُهُ:
«لَمْ تَزَوَّجِ» تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ: أَنَّهَا أَيِّمٌ، وَمِنْ إِطْلَاقِ الْأَيِّمِ عَلَى الذَّكَرِ الَّذِي لَا زَوْجَ لَهُ قَوْلُ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ الثَّقَفِيِّ:
لِلَّهِ دَرُّ بَنِي عَلِيٍّ | أَيِّمٌ مِنْهُمْ وَنَاكِحْ |
وَمِنْ إِطْلَاقِهِ عَلَى الْأُنْثَى قَوْلُ الشَّاعِرِ:
أُحِبُّ الْأَيَامَى إِذْ بُثَيْنَةُ أَيِّمُ | وَأَحْبَبْتُ لَمَّا أَنْ غَنِيتُ الْغَوَانِيَا |
وَالْعَرَبُ تَقُولُ: آمَ الرَّجُلُ يَئِيمُ، وَآمَتِ الْمَرْأَةُ تَئِيمُ، إِذَا صَارَ الْوَاحِدُ مِنْهُمَا أَيِّمًا، وَكَذَلِكَ تَقُولُ: تَأَيَّمَ إِذَا كَانَ أَيِّمًا.
وَمِثَالُهُ فِي الْأَوَّلِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
لَقَدْ إِمْتُ حَتَّى لَامَنِي كُلُّ صَاحِبِ | رَجَاءَ بِسَلْمَى أَنْ تَئِيمَ كَمَا إِمْتُ |
وَمِنَ الثَّانِي قَوْلُهُ:فَإِنْ تَنْكِحِي أَنْكِحْ وَإِنْ تَتَأَيَّمِي | وَإِنْ كُنْتُ أَفْتَى مِنْكُمُ أَتَأَيَّمُ |
وَمِنَ الْأَوَّلِ أَيْضًا، قَوْلُ يَزِيدَ بْنِ الْحَكَمِ الثَّقَفِيِّ:
كُلُّ امْرِئٍ سَتَئِيمُ مِنْهُ | الْعُرْسُ أَوْ مِنْهَا يَئِيمُ |
وَقَوْلُ الْآخَرِ: